للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقد تنَازع الْعلمَاء فِي صِحَة هَذَا العقد سَوَاء قيل بِصِحَّتِهِ أَو فَسَاده فَمَا ذهب من الشّجر ذهب مَا يُقَابله من الْعِوَض سَوَاء كَانَ بِقطع الْمَالِك أَو غير قطعه

وَجوز إِجَارَة أَرض مصر سَوَاء شملها مَاء الرى أَو لم يشملها إِذا كَانَت الأَرْض مِمَّا قد جرت الْعَادة بِأَن الرى يشملها كَمَا تكرى الأَرْض الَّتِي جرت عَادَتهَا أَن تشرب من المَاء قبل أَن ينزل الْمَطَر عَلَيْهَا وَهَذَا مَذْهَب أَئِمَّة الْمُسلمين مَالك وَأبي حنيفَة وَأحمد وَهُوَ إيضا مَذْهَب الشَّافِعِي الصَّحِيح عَنهُ

وَلَكِن بعض أَصْحَابه غلط فِي مَعْرفَته فَلم يفرق بَين الأَرْض الَّتِي ينالها المَاء غَالِبا وَالَّتِي لَا ينالها إِلَّا نَادرا كَالَّتِي تشرب فِي غَالب الْأَوْقَات

ثمَّ هَذِه الأَرْض الَّتِي صحت إِجَارَتهَا إِن شملها الرى وَأمكن مجئ الزَّرْع الْمُعْتَاد وَجَبت الْأُجْرَة وَإِن لم يرو مِنْهَا شئ فَلَيْسَ على الْمُسْتَأْجر شئ من الْأُجْرَة وَإِن روى بَعْضهَا وَجب من الْأُجْرَة بِقَدرِهِ وَمن ألزم الْمُسْتَأْجر بِالْأُجْرَةِ إِذا لم ترو الأَرْض فقد خَالف إِجْمَاع الْمُسلمين

وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا حَاجَة إِلَى قَوْله أجرتكها مقيلا أَو مراحا وَلَا فَائِدَة فِيهِ وَإِنَّمَا فعل ذَلِك من ظن أَنه لَا تجوز الْإِجَارَة قبل رى الأَرْض وَالَّذِي فَعَلُوهُ من إِجَارَتهَا مقيلا أَو مراحا بَاطِل بِإِجْمَاع الْمُسلمين من وَجْهَيْن

أَحدهمَا أَنَّهَا لَا تصلح مقيلا وَلَا مراحا لِأَن الْمَاشِيَة لَا تقبل إِلَّا بِأَرْض تقيم بهَا عَادَة بِقرب مَا ترعاه وتشرب من مَائه أما الأَرْض الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاء وَلَا زرع وَلَا عمَارَة فَلَا تصلح مقيلا وَلَا مراحا وَإِجَارَة الْعين لمَنْفَعَة لَيست فِيهَا بَاطِلَة

الثناي أَن هَذِه الْمَنْفَعَة إِذا كَانَت حَاصِلَة فَهِيَ غير مُتَقَومَة فِي مثل هَذِه الأَرْض بل الْبَريَّة كلهَا تشارك هَذِه الأَرْض فِي كَونهَا مقيلا ومراحا وَالْمَنْفَعَة الَّتِي لَا قيمَة لَهَا فِي الْعَادة بِمَنْزِلَة الْأَعْيَان الَّتِي لَا قيمَة لَهَا لَا يصلح أَن يرد عَلَيْهَا عقد

<<  <   >  >>