حَتَّى يحصل لَهُ الْحبّ بِخِلَاف الْمُشْتَرى فَإِنَّهُ حبا مُجَردا وعَلى البَائِع خدمته حَتَّى يتَحَصَّل وَكَذَلِكَ نَهْيه عَن بيع الْعِنَب حَتَّى يسود لَيْسَ نهيا لمن يَأْخُذ الشّجر فَيقوم عَلَيْهَا ويسقيها حَتَّى تثمر إِنَّمَا النهى لمن اشْترى عنبا مُجَردا رعلى البَائِع خدمتها حَتَّى تكمل كَمَا يفعل المشترون للأعيان الَّتِي تسمى الكروم وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ لَا يبيعونها حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا بِخِلَاف التَّضْمِين
الْوَجْه الثَّانِي أَن الْمُزَارعَة عَليّ الأَرْض كالمسافاة على الشَّجَرَة وَكِلَاهُمَا جاذز عِنْد فُقَهَاء الحَدِيث وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وَالَّذين نهوا عَنْهَا ظنوها من بَاب الْإِجَارَة بعوض مَجْهُول وَأَبُو حنيفَة طرد قِيَاسه فَلم يجوزها بِحَال
وَأما الشَّافِعِي فَإِنَّهُ اسْتثْنى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ كالبياض إِذا دخل تبعا للشجر فِي المسافاة وَكَذَلِكَ مَالك يُرَاعى الْقلَّة وَالْكَثْرَة على أَصله
هَؤُلَاءِ جعلُوا الْمُضَاربَة بِهِ أَيْضا خَارِجَة الْقيَاس ظنا مِنْهُم أَنَّهَا من بَاب الْإِجَارَة بعوض مَجْهُول
وَالتَّحْقِيق أَن هَذِه الْمُعَامَلَات هِيَ من بَاب المشاركات لَا من بَاب المؤاجرات وَالْمُضَاربَة وَالْمُسَاقَاة والمزارعة مُشَاركَة هَذَا بنفع بِبدنِهِ وَهَذَا ينفع مَاله وَمَا قسم الله من الرِّبْح كَانَ بَينهمَا كشركة الْعَنَان
وَلَو قيل هِيَ جعَالَة كَانَ أشبه لِأَن الْجعَالَة لَا يكون الْعَمَل فِيهَا مَعْلُوما وَلَكِن لَيست جعَالَة أَيْضا فَإِن الْجعَالَة يكون الْمَقْصُود فِيهَا لأَحَدهمَا من غير جنس مَقْصُود الآخر هَذَا قَصده رد أبقه وَهَذَا قَصده الْجعل بِخِلَاف الْمُسَاقَاة والمزارعة وَالْمُضَاربَة فَإِنَّهُمَا شريكان فِي الْجِنْس الْمَقْصُود وَهُوَ الرِّبْح مستوران فِي المغرم والمغنم وَلِهَذَا وَجب أَن يكون الْمَشْرُوط فِيهَا مشَاعا مُقَدرا مَعْلُوم وَلَو كَانَت إِجَارَة أَو جعَالَة لَكَانَ أقل الْأَحْوَال فِيهَا أَن يجوز كَون الْعِوَض فِيهَا مُقَدرا مَعْلُوما لَا شَائِعا فَلَمَّا كَانَ الْمَشْرُوط لأَحَدهمَا من جنس الْمَشْرُوط للْآخر علم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute