للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثَبت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره وَلَو كَانَ سحتا لم يُعْطه إِيَّاه

وَلَا ريب أَن الْحجام إِذا حجم أعطي أُجْرَة حجمه عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء وَإِن كَانَ فِيهِ قَول ضَعِيف بِخِلَاف ذَلِك وَقد أرخص لَهُ أَن يعلفه نَاضِحَهُ ويطعمه رَقِيقه كَمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِذَلِك احْتج أَكثر الْعلمَاء على أَنه لَا يحرم وَإِنَّمَا يكره للْخَبَر تَنْزِيها لِأَنَّهُ لَا يَأْمر بإطعام الْحَرَام للرقيق

وَقيل بل يحرم لما روى مُسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كسب الْحجام خَبِيث وَمَا رُوِيَ أَنه نهى عَن ثمن الدَّم

قَالَ الْأَولونَ وَكَذَلِكَ قَالَ من أكل من هَاتين الشجرتين الخبيثتين فَلَا يقربن مَسْجِدنَا فسماهما خبيثتين لخبث ريحهما وليستا حَرَامًا وَقَالَ لَا يصلين أحدكُم وَهُوَ مَا يدافعه الأخبثان فَيكون تَسْمِيَته خبيثا لملاقاة النَّجَاسَة لَا لتحريمه بِدَلِيل أَنه أعْطى الْحجام أجره وَأذن أَن يطعمهُ الرَّقِيق والبهائم وَمهر الْبَغي لَا يطعمهُ رَقِيقا

وَبِكُل حَال فحال الْمُحْتَاج لَيْسَ كَحال المستغني عَنهُ كَمَا قَالَ بعض السّلف كسب فِيهِ بعض الدناءة خير من مَسْأَلَة النَّاس

وَلِهَذَا تنَازع النَّاس أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَنَحْوه على ثَلَاثَة أَقْوَال لِأَحْمَد وَغَيره

أَحدهَا أَنه يُبَاح للمحتاج قَالَ أَحْمد أُجْرَة التَّعْلِيم خير من جوائز السُّلْطَان وجوائز السُّلْطَان خير من صلَة الإخوان

وأصول الشَّرِيعَة تفرق فِي المنهيات بَين الْمُحْتَاج وَغَيره كَمَا فِي المأمورات

<<  <   >  >>