وَأما أَن نجْعَل نُصُوص الْوَاقِف أَو نُصُوص غَيره من الْعَاقِدين كنصوص الشَّارِع فِي وجوب الْعَمَل بهَا فَهَذَا كفر بِاتِّفَاق الْمُسلمين إِلَّا أحد يطاع فِيمَا يَأْمر بِهِ وَينْهى عَنهُ من الْبشر بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
والشروط إِن وَافَقت كتاب الله كَانَت صَحِيحَة وَإِن خَالَفت كتاب الله كَانَت بَاطِلَة كَمَا ثَبت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَيّمَا شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بطال وَإِن كَانَ مائَة شَرط وَهَذَا الْكَلَام حكمه ثَابت فِي البيع وَالْإِجَارَة وَالْوَقْف وَغَيره بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة إِذْ الْأَخْذ بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب
فَإِذا شَرط فعلا محرما ظهر أَنه بَاطِل فَإِنَّهُ لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق وَإِن شَرط شرطا مُبَاحا لَا قربَة كَانَ أَيْضا بَاطِلا لِأَنَّهُ شَرط شرطا لَا مَنْفَعَة فِيهِ لَا لَهُ وَلَا للْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي نَفسه لَا ينْتَفع إِلَّا بِالْبرِّ وَالتَّقوى وَأما بذل المَال فِي مُبَاح فِي حَيَاته فَلهُ فِيهِ مَنْفَعَة أما بعد الْمَوْت فالواقف والموصي لَا ينتفعان بِمَا يفعل الْمُوصي لَهُ وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ من الْمُبَاحَات فِي الدُّنْيَا وَلَا يثابان على بذل المَال فِي ذَلِك فِي الْآخِرَة فَيكون منفقا لِلْمَالِ فِي الْبَاطِل وَهَذَا مسخر معذب وَإِذا كَانَ الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو حافر أَو بصل فَلم يجوز بذل الْجعل فِي شَيْء لَا يستعان بِهِ على الْجِهَاد وَإِن كَانَ مُبَاحا مَعَ أَنه قد يكون فِيهِ مَنْفَعَة كَمَا فِي المصارعة والمسابقة على الْأَقْدَام فَكيف ببذل الْعِوَض المؤبد فِي عمل لَا مَنْفَعَة فِيهِ لَا سِيمَا وَالْوَقْف محبس مؤبد فَيكون فِي ذَلِك ضَرَر على الْوَرَثَة وَسَائِر الْأَقْرَبين بِحَبْس المَال عَنْهُم بِلَا مَنْفَعَة حصلت لَهُم وَفِي ذَلِك ضَرَر على المتناولين باستعمالهم إِيَّاه فِي عمل هم فِيهِ مسخرون يعوقهم عَن مصلحتهم الدِّينِيَّة والدنيوية بِلَا فَائِدَة تحصل لَا لَهُ وَلَا لَهُم
وَقد بسطنا الْكَلَام فِي هَذِه الْقَاعِدَة فِي غير هَذَا الْموضع