للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اخْتَارُوا منى إِمَّا الْحَرْب الْمَحَلِّيَّة وَإِمَّا السّلم المخزية قَالُوا يَا خَليفَة رَسُول الله هَذِه الْحَرْب الْمَحَلِّيَّة قد عرفناها فَمَا السّلم المخزية قَالَ تداون قَتْلَانَا وَلَا ندى قَتْلَاكُمْ وتشهدون أَن قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار ومغنم مَا أصبْنَا من أَمْوَالكُم وتردون مَا أصبْتُم من أَمْوَالنَا وننزع مِنْكُم الْحلقَة وَالسِّلَاح وتمنعون من ركُوب الْخَيل وتتركون ترتعون وَرَاء أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يرى الله خَليفَة رَسُول الله وَالْمُؤمنِينَ أمرا يعذرونكم بِهِ فوافقه الصَّحَابَة على ذَلِك إِلَّا فِي تضمنهم دِيَة قَتْلَى الْمُسلمين فَإِن عمر قَالَ لَهُ هَؤُلَاءِ قتلوا فِي سَبِيل الله فأجورهم على الله يَعْنِي هم اسْتشْهدُوا فَلَا دِيَة لَهُم فاتفقوا على قَول عمر ذَلِك

وَهَذَا الَّذِي اتّفق عَلَيْهِ الصَّحَابَة هُوَ مَذْهَب أَئِمَّة الْعلمَاء فَهَذَا الَّذِي فعله الصَّحَابَة بأولئك الْمُرْتَدين بعد عودهم إِلَى الْإِسْلَام يفعل بِمن أظهر الْإِسْلَام والتهمة طَاهِرَة فِيهِ فَيمْنَع من ركُوب الْخَيل وَمن السِّلَاح والدروع الَّتِي تلبسها الْمُقَاتلَة وَلَا يتْرك فِي الْجند يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ ويلزمون شرائع الْإِسْلَام حَتَّى يظْهر مَا يَفْعَلُونَ من خير أَو شَرّ

وَمن كَانَ من أَئِمَّة ضلالهم وَأظْهر التَّوْبَة أخرج عَنْهُم وسير إِلَى بِلَاد الْمُسلمين الَّتِي لَيْسَ لَهُم فِيهَا ظُهُور فإمَّا أَن يهديه الله أَو يَمُوت على نفَاقه من غير مضرَّة للْمُسلمين

وَلَا ريب أَن جِهَاد هَؤُلَاءِ وَإِقَامَة الْحُدُود عَلَيْهِم من أعظم الطَّاعَات وَأوجب الْوَاجِبَات وَهُوَ أفضل من جِهَاد من يُقَاتل الْمُسلمين من الْمُشْركين وَأهل الْكتاب فَإِن جِهَاد هَؤُلَاءِ حفظ وتطهير لما بأيدي الْمُسلمين من بِلَادهمْ وأزواجهم وَأَبْنَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وقتال الْعَدو الْخَارِج من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكين إِنَّمَا هُوَ لإِظْهَار الدّين وَحفظ الأَصْل مقدم على حفظ الْفَرْع

وَأَيْضًا فضرر هَؤُلَاءِ على الْمُسلمين أعظم أُولَئِكَ بل ضَرَر هَؤُلَاءِ فِي الدّين على كثير من النَّاس أَشد من ضَرَر الْمُحَاربين من الْمُشْركين وَأهل الْكتاب فَوَاجِب على كل مُسلم أَن يقوم فِي ذَلِك بِحَسب مَا يقدر عَلَيْهِ من حربهم وَدفع

<<  <   >  >>