أَو عمر أَو عَائِشَة أَو نَحْو هَؤُلَاءِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي الله عَنْهُم فَإِنَّهُ يسْتَحق الْعقُوبَة البليغة بِاتِّفَاق الْمُسلمين
وَتَنَازَعُوا هَل يُعَاقب بِالْقَتْلِ أَو مَا دون الْقَتْل وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تسبوا أَصْحَابِي فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه واللعنة أعظم من السب فقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْمُؤمن كقتله وَأَصْحَابه خِيَار الْمُؤمنِينَ كَمَا قَالَ خير الْقُرُون قَرْني ثمَّ الدّين يَلُونَهُمْ وكل من رَآهُ وآمن بِهِ فَلهُ من الصُّحْبَة بِقدر ذَلِك
وَلما كَانَ لفظ الصُّحْبَة فِيهِ عُمُوم كَانَ من أختص من الصُّحْبَة بِمَا يتَمَيَّز بِهِ عَن غَيره فَوق من لم يشْتَرك مَعَه فِيهَا كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي سعيد لخَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ لما اخْتصم هُوَ وَعبد الرَّحْمَن يَا خَالِد لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه فعبد الرَّحْمَن بن عَوْف هُوَ وَأَمْثَاله رَضِي الله عَنْهُم من السَّابِقين ولين الَّذين أَنْفقُوا قبل الْفَتْح فتح الْحُدَيْبِيَة وخَالِد بن الْوَلِيد وَغَيره مِمَّن أسلم بعد الْحُدَيْبِيَة وأنفقوا وقاتلوا دون أُولَئِكَ قَالَ تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا} وَالْمرَاد بِالْفَتْح الَّتِي أنزلهَا الله قبل فتح مَكَّة بل قبل أَن يعْتَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمْرَة الْقَضِيَّة وَكَانَت بيعَة الرضْوَان عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة وَصَالح الْمُشْركين صلح الْحُدَيْبِيَة الْمَشْهُور وَبِذَلِك الصُّلْح حصل من الْفَتْح وَالْخَيْر مَالا يُعلمهُ إِلَّا الله مَعَ أَنه قد كَانَ كرهه خلق كثير من الْمُسلمين وَلم يعلمُوا مَا فِيهِ من حسن الْعَاقِبَة حَتَّى قَالَ سهل بن حنيف أَيهَا النَّاس اتهموا