للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَول عَليّ هُوَ الصَّوَاب لَكِن من نظر فِي كَلَام المتناظر الَّذين لَيْسَ بَينهم قتال وَلَا ملك رَأْي لَهُم من التأويلات مَا هُوَ أَضْعَف من ذَلِك فَلم ير مُعَاوِيَة أَنه قتل عمارا وَلم يعْتَقد أَنه بَاغ فَهُوَ متأول وَالْفُقَهَاء لَيْسَ فيهم من رأى الْقِتَال مَعَ من قتل عمارا لَكِن هَلُمَّ قَولَانِ مشهوران كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أكَابِر الصَّحَابَة مِنْهُم من يرى الْقِتَال مَعَ عمار وطائفته وَمِنْهُم من يرى الْإِمْسَاك عَن الْقِتَال مُطلقًا وَفِي كل من الطَّائِفَتَيْنِ طوائف من السَّابِقين الْأَوَّلين فَفِي الطَّائِفَة الأولى عمار وَسَهل بن حنيف وَأَبُو أَيُّوب وَفِي الثَّانِيَة سعد بن أبي وَقاص وَمُحَمّد بن مسلمة وَأُسَامَة بن زيد وعبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُم

وَلَعَلَّ أكَابِر الصَّحَابَة كَانُوا على هَذَا القَوْل وَلم يكن فِي العسكرين بعد عَليّ أفضل من سعد وَكَانَ من القاعدين وَحَدِيث عمار قد يحْتَج بِهِ من رأى الْقِتَال لِأَنَّهُ إِذا كَانَ قَاتلُوهُ بغاة فَالله عز وَجل أَمر بِقِتَال الطَّائِفَة الَّتِي تبغي والساكتون يحتجون بالأحاديث الصَّحِيحَة الْكَثِيرَة من أَن الْقعُود فِي الْفِتْنَة خير من الْقِتَال فِيهَا وَهَذَا الْقِتَال وَنَحْوه هُوَ قتال الْفِتْنَة وَالله تَعَالَى لم يَأْمر بِقِتَال الْبَاغِي أَولا بل أَمر بِالصُّلْحِ فَإِن بغث إِحْدَاهمَا قوتلت الباغية ردا لشرها من بَاب رد الصَّائِل الَّذِي لَا ينْدَفع ظلمه إِلَّا بِالْقِتَالِ كَمَا قَالَ من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد

فبتقدير أَن يكون جَمِيع الْعَسْكَر بغاة لم يُؤمر بقتالهم ابْتِدَاء بل أمرنَا بالإصلاح بَينهمَا والقتال الأول لم يَأْمر الله بِهِ وَلَا أَمر الله كل من بنى عَلَيْهِ أَن يُقَاتل الْبَاغِي فَإِن قتل كل بَاغ كفر فَإِن غَالب النَّاس لَا يَخْلُو من ظلم وبغي وَلَكِن إِذا اقْتتلَتْ طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ فَالْوَاجِب الْإِصْلَاح بَينهمَا وَلم تكن طَائِفَة مِنْهُمَا مأمورة بِالْقِتَالِ ثمَّ إِذا بَغت الْوَاحِدَة بعد ذَلِك قوتلت

وَأَيْضًا فَيمكن أَنهم لم يَكُونُوا بغاة فِي الأول بل فِي أثْنَاء الْحَال بغوا

<<  <   >  >>