وَحَدِيث معَاذ لما بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيَمين الَّذِي قَالَ لَهُ فِيهِ فَإِذا لم تَجِد فِي سنة رَسُول الله قَالَ حكمت برأيي طعن فِيهِ جمَاعَة وروى فِي مسانيد وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاسْتدلَّ بِهِ طوائف من الْفُقَهَاء وَأهل الْأُصُول فِي كتبهمْ وروى من طرق
وَبِكُل حَال يجوز اجْتِهَاد الرَّأْي للْقَاضِي والمفتي إِذا لم يجد فِي الْحَادِثَة نصا من الْكتاب أَو السّنة كَقَوْل جَمَاهِير السّلف وأئمة الْفُقَهَاء كمالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بن حَنْبَل وَأبي عبيد وَغَيرهم وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بدلائل مثل كتاب عمر إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَفِيه اعرف الْأَشْبَاه والنظائر وَقس الْأُمُور بِرَأْيِك وَقد تكون تِلْكَ الْحُكُومَة فِي الْكتاب وَالسّنة على وَجه خَفِي لم يُدْرِكهُ أَو تكون مركبة من مقدمتين من الْكتاب وَالسّنة لكنه لم يتفطن لذَلِك فَيجوز لَهُ أَن يجْتَهد بِرَأْيهِ حِينَئِذٍ لكَونه لم يجد تِلْكَ الْحُكُومَة فِي الْكتاب وَلَا فِي السّنة وَإِن كَانَت فيهمَا ثمَّ قَوْله تَعَالَى {تَجدوا مَاء} فقد يكون المَاء تَحت الأَرْض وَهُوَ لَا يعرف وَكَذَلِكَ قَوْله {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن} وَقَوله {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا}
وَلَيْسَ للْحَاكِم منع النَّاس مِمَّا أَبَاحَهُ الله وَرَسُوله مثل أَن يمْنَع أَن يُزَوّج الْمَرْأَة وَليهَا أَو يمْنَع الشُّهُود أَو غَيرهم من كِتَابَة مهرهَا أَو كِتَابَة عقد بيع أَو إِجَارَة