صَادِقا عَاجِزا عَن دَفعهَا كَانَ مَحْمُودًا على مَا فعله من الْخَيْر مَعْذُورًا فِيمَا عجز عَنهُ وأصابه بِغَيْر اخْتِيَاره وهم أكمل مِمَّن لم يبلغ مَنْزِلَتهمْ لنَقص إيمَانه وقساوة قلبه وَمن لم يزل عقله مَعَ كَونه قد حصل لمن من الْإِيمَان مَا حصل لَهُم وَأكل فَهُوَ أفضل مِنْهُم وَهَذِه حَال الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَحَال نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ أسرى بِهِ وَرَأى مَا رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى وَأصْبح ثَابت الْعقل لم يتَغَيَّر فحاله بِلَا شكّ أكمل من حَال مُوسَى الَّذِي خر صعقا لما تجلى ربه للجبل وَجعله دكا وَحَال مُوسَى جليلة فاضلة علية لَكِن حَال مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل وأكمل وَأَعْلَى فَخير الْكَلَام كَلَام الله وَخير الْهدى هدي مُحَمَّد وَأفضل الطّرق مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابه
فالصوفي مَنْسُوب إِلَى اللبسة لِأَنَّهَا ظَاهر حَالهم ثمَّ إِن عِنْدهم حقائق وأحوال مَعْرُوفَة يشيرون بهَا إِلَى الصُّوفِي كَقَوْلِه بَعضهم الصُّوفِي من صفا من الكدر وامتلأ قلبه من الْفِكر واستوى عِنْده الذَّهَب وَالْحجر والتصوف كتمان السِّرّ وَترك الدَّعَاوَى وَهَؤُلَاء يشيرون إِلَى معنى الصدْق وَقد انتسب إِلَيْهِم طوائف من الزَّنَادِقَة وَغَيرهم كالحلاج مثلا فَإِن أَكثر الْمَشَايِخ مَشَايِخ الطَّرِيق أنكروه وأخرجوه عَن الطَّرِيق مثل الْجُنَيْد بن مُحَمَّد شيخ الطَّائِفَة وَغَيره كَمَا ذكر أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي طَبَقَات الصُّوفِيَّة والحافظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد