للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على مُصِيبَة فِي دينه وعَلى مصائب الْمُسلمين عُمُوما فَهَذَا يُثَاب على قدر مَا فِي قلبه من حب الْخَيْر وبغض الشَّرّ وتوابع ذَلِك وَلَكِن الْحزن إِذا أفْضى إِلَى ترك مَأْمُور من الصَّبْر وَالْجهَاد وجلب مَنْفَعَة وَدفع مضرَّة نهي عَنهُ وَإِلَّا كَانَ حَسبه رفع الْإِثْم عَنهُ من جِهَة الْحزن

وَأما إِذا أقضى إِلَى ضعف الْقلب ووهنه واشتغاله على فعل مَا أَمر الله بِهِ وَرَسُوله فانه يكون مذموما من تِلْكَ الْجِهَة وَإِن كَانَ مَحْمُودًا من جِهَة أُخْرَى

وَأما الْمحبَّة لله والتوكل عَلَيْهِ وَالْإِخْلَاص لَهُ فَهَذِهِ كلهَا خير مَحْض وَهِي حَسَنَة محبوبة فِي حق كل من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَلَا يخرج عَنْهَا مُؤمن قطّ وَهَذِه المقامات للخاصة خاصتها وللعامة عامتها

وَالْعِبَادَة هِيَ الْغَايَة الَّتِي خلق الله لَهَا الْعباد من جِهَة أَمر الله ومحبته وَرضَاهُ وَهُوَ اسْم يجمع كَمَال الْحبّ لَهُ ونهايته وَكَمَال الذل ونهايته وَالْحب الْخَالِي عَن الذل والذل الْخَالِي عَن الْحبّ لَا يكون عبَادَة وَإِنَّمَا الْعِبَادَة مَا جمع كَمَال الْأَمريْنِ وَلِهَذَا كَانَت الْعِبَادَة لَا تصلح إِلَّا لله وَهِي وَإِن كَانَت للْعَبد مَنْفَعَتهَا فان الله غَنِي عَن الْعَالمين فَهِيَ لَهُ من جِهَة أُخْرَى من جِهَة محبته لَهَا وَرضَاهُ بهَا وَلِهَذَا كَانَ الله أَشد فَرحا بتوبة عَبده من الفاقد لراحلته عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فِي أَرض دوية مهلكة وَقد نَام آيسا مِنْهَا ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَهَا فَإِنَّهُ أَشد فَرحا بتوبة عَبده من هَذَا براحلته وَهَذَا يتَعَلَّق بِهِ أمورا جليلة شرحناها فِي غير هَذَا الْموضع

وروى الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب الدُّعَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَقُول الله تَعَالَى يَا ابْن آدم إِنَّمَا هِيَ أَربع وَاحِدَة لي وَوَاحِدَة لَك وَوَاحِدَة بيني وَبَيْنك وَوَاحِدَة فعملك أجزيك بِهِ وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك وَبَين خلقي أما الَّتِي لي فتعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا وَأما الَّتِي هِيَ لَك فعملك أجزيك بِهِ وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك فمنك الدُّعَاء وَعلي الْإِجَابَة وَأما التبي بَيْنك وَبَين خلقي فَأَنت إِلَى النَّاس مَا تحب أَن يأتوه إِلَيْك

وَطلب الْعلم الْوَاجِب لكَونه معينا على كل أحد إِمَّا لكَونه مُحْتَاجا إِلَى جَوَاب مسَائِل فيأصوال دينه أَو فروعه وَلَا يجد فِي بَلَده من يجِيبه وَإِمَّا لكَونه فرضا

<<  <   >  >>