للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ لِابْنِ مَسْعُود اقْرَأ عَليّ فَقلت أقرأع عَلَيْك وَعَلَيْك أنزل فَقَالَ إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي فَقَرَأت عَلَيْهِ سُورَة النِّسَاء حَتَّى قَرَأت قَوْله عز وَجل {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَقَالَ حَسبك فَنَظَرت فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ وَكَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم إِذا اجْتَمعُوا أمروا أحدهم أَن يقْرَأ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُون

وَهَذَا السماع لَهُ آثَار إيمانية من المعارف القدسية وَالْأَحْوَال الكونية يطول شرحها وَله فِي الْجَسَد آثَار محمودة من خشوع الْقلب ودموع الْعين واقشعرار الْجُلُود

وَقد ذكر الله تَعَالَى هَذِه الثَّلَاثَة فِي الْقُرْآن وَكَانَت مَوْجُودَة فِي الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَحدث بعدهمْ آثَار ثَلَاثَة من الِاضْطِرَاب والصراخ وَالْإِغْمَاء أَو الْمَوْت فَأنْكر بعض السّلف ذَلِك إِمَّا لبدعتهم وَإِمَّا للتصنع خَاصَّة وَجُمْهُور السّلف لَا يُنكر ذَلِك إِذا كَانَ السماع شرعا فَإِن السَّبَب إِذا لم يكن محضورا كَانَ صَاحبه مَعْذُورًا وَسَببه ضعف الْقلب وَقُوَّة الْوَارِد وَلَو لم يُؤثر لَكَانَ مذموما ملوما كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِين أُوتُوا الْكتاب من قبل فطال عَلَيْهِم الأمد فقست قُلُوبهم وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ} وَلَو أثر آثارا محمودة وَلم يخرج عَن الْعقل لَكَانَ أكمل

وَأما سَماع القصائد لصلاح الْقُلُوب والاجتماع على ذَلِك إِمَّا نشيدا مُجَردا وَإِمَّا مَقْرُونا بالتغيير وَنَحْوه مثل الضَّرْب بالقضيب على الْجُلُود حَتَّى يطير الْغُبَار وَمثل التصفيق وَنَحْوه فَهَذَا السماع مُحدث فِي الْإِسْلَام بعد ذهَاب الْقُرُون الثَّلَاثَة وَقد كرهه أَعْيَان الْأَئِمَّة وَلم يحضرهُ أكَابِر الْمَشَايِخ قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله خلفت بِبَغْدَاد شَيْئا أحدثته الزَّنَادِقَة يسمونه التَّغْيِير يصدون بِهِ النَّاس عَن الْقُرْآن وَسُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَنهُ فَقَالَ هُوَ مُحدث أكرهه قيل لَهُ إِنَّه يرقق الْقلب قَالَ لَا تجْلِس مَعَهم قيل أيهجرون فَقَالَ لَا يبلغ بهم هَذَا

<<  <   >  >>