للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْفرق بَين تَخْيِير الْغُلَام وَالْجَارِيَة أَن هَذَا التَّخْيِير تَخْيِير شَهْوَة لَا تَخْيِير رَأْي ومصلحة كتخيير من يتَصَرَّف لغيره كَالْإِمَامِ وَالْوَلِيّ فَإِن الإِمَام إِذا خير فِي الأسرى بَين الْقَتْل والاسترقاق والمن وَالْفِدَاء فَعَلَيهِ أَن يخْتَار الْأَصْلَح للْمُسلمين ثمَّ قد يصب ذَلِك الْأَصْلَح للْمُسلمين فَيكون مصيبا فِي اجْتِهَاده حَاكما بِحكم الله ويكونه لَهُ أَجْرَانِ وَقد لَا يُصِيبهُ فيثاب على استفراغ وَسعه وَلَا يَأْثَم بعجزه عَن معرفَة الْمصلحَة كَالَّذي ينزل أهل حصن على حكمه كَمَا نزل بتو قُرَيْظَة على حكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا سَأَلَهُ فيهم بَنو عبد الْأَشْهَل قَالَ أَلا ترْضونَ أَن أجعَل الْأَمر إِلَى سيدكم سعد بن معَاذ فرضوا بذلك وطمع من كَانَ يحب استيفاءهم أَن سَعْدا يحابيهم لما كَانَ بَينه وَبينهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة من الْمُوَالَاة فَلَمَّا أَتَى سعد حكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتسبى ذَرَارِيهمْ وتغنم أَمْوَالهم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد حكمت فيهم بِحكم الله من فَوق سبع سموات وَهَذَا يَقْتَضِي أَنه لَو حكم بِغَيْر ذَلِك لم يكن ذَلِك حكما لله فِي نفس الْأَمر وَإِن كَانَ لَا بُد من إِنْفَاذه

وَمثل هَذَا مَا ثَبت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره من حَدِيث بُرَيْدَة الْمَشْهُور قَالَ فِيهِ وَإِذا حاصرت أهل حصن فسألوك أَن تنزلهم على حكم الله فَلَا تنزلهم على حكم الله فَإنَّك لَا تَدْرِي مَا حكم الله فيهم وَلَكِن أنزلهم على حكمك وَحكم أَصْحَابك

وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاء إِنَّه إِذا حاصر الإِمَام حصنا فنزلوا على حكم حَاكم جَازَ إِذا كَانَ رجلا مُسلما حرا عدلا من أهل الِاجْتِهَاد فِي أَمر الْجِهَاد وَلَا يحكم إِلَّا بِمَا فِيهِ حفظ للاسلام من قتل أَوْرَق أَو فدَاء

وَتَنَازَعُوا فِيمَا إِذا حكم بالمن فأباه الإِمَام هَل يلْزم حكمه أَولا يلْزم أَو يفرق بَين الْمُقَاتلَة والذرية على ثَلَاثَة أَقْوَال

<<  <   >  >>