للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَجْعَل من يَشَاء فَاسِقًا وخبيثا ويمد بِأَسْبَاب ذَلِك وَلَا حجر عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلَا حكم كَذَلِك يَجْعَل مَا يَشَاء من الْأَعْمَال طَاعَة وَمَا يَشَاء مَعْصِيّة وَإِن لم تقل بذلك لزمك أَن تجْعَل الله تَعَالَى مَحْكُومًا عَلَيْهِ مَغْلُوبًا وَذَلِكَ كُله على الله تَعَالَى محَال

وَأما مَا ادعيت من النَّقْل من الْأَنْبِيَاء فَذَلِك شَيْء لَا يَصح عَنْهُم أَنهم عظموا الصَّوْت وَالصُّورَة بِمَا عظموا بِهِ الله حَتَّى عبدوهما كَمَا تَزْعُمُونَ أَنْتُم

وقولكم إِن مُوسَى خَاطب الصَّوْت بالربوبية زعم وقاح وافك صراح وَإِنَّمَا الْمُخَاطب بالربوبية الْمُتَكَلّم بالصوت بزعمكم الَّذِي قَالَ عَن نَفسه بالصوت أَنا الله وَالَّذِي يعقله الْعُقَلَاء الَّذين لَا يَلْعَبُونَ بأديانهم وَلَا يجترؤون على رَبهم والههم إِن الصَّوْت مَوْجُود يتَكَلَّم بِهِ وَلَا يتَكَلَّم هُوَ عَن نَفسه فَإِذا سمع الْعَاقِل قَائِلا قَالَ بِصَوْت مقطع مشيت إِلَى بَيت الْمُقَدّس فرأيته مثلا لَا يشك عَاقل فِي أَن الْمخبر عَن نَفسه إِنَّمَا هُوَ الَّذِي قَامَ بِهِ الصَّوْت لَا الصَّوْت فَإِنَّهُ لَو كَانَ الصَّوْت هُوَ الَّذِي أخبر بذلك عَن نَفسه لما صدق عَلَيْهِ ذَلِك وَلما صَحَّ مِنْهُ الْخَبَر لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ المشى وَلَا الرُّؤْيَة

وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِنْسَان مخبرا عَن نَفسه بقوله أكلت الْخبز وَهَذَا بَين بِالضَّرُورَةِ وَإِذا تقرر هَذَا فالصوت الَّذِي سلمناه جدلا الَّذِي تكلم الله بِهِ على زعمهم لم يقل من نَفسه شَيْئا مِمَّا ذَكرُوهُ إِنَّمَا الله هُوَ الَّذِي قَالَه مخبرا عَن نَفسه وَأما مَا قَالَه مُوسَى فَإِنَّمَا قَالَه لله تَعَالَى فَلهُ اعْترف بالربوبية وَإِلَيْهِ تَابَ وَله سجد وإياه عبد لَا للصوت وَهَذَا مَعْلُوم على الْقطع والضرورة والمخالف فِي ذَلِك جَاهِل متسامح أَو معاند متواقح

وَقد كَانَ تقدم من قَول السَّائِل الغبي الْجَاهِل أَن مُوسَى أعترف للصدى بالربوبية وَأَنه الَّذِي قَالَ عَن نَفسه أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وَأَنه هُوَ الَّذِي سجد لَهُ مُوسَى وَعَن ذَلِك الصدى تحمل مُوسَى الرسَالَة وَأَنه هُوَ الَّذِي كلم مُوسَى وإياه جاوب وَأَنه قَامَ عِنْد مُوسَى مقَام خَالق فَسَماهُ إِلَهًا وَرُبمَا يظنّ ذَلِك الْجَاهِل أَن هَذَا

<<  <   >  >>