وعَلى سَبِيل الإستعجال يَكْفِيك بَيِّنَة عدله مَا وَقع فِي صحف النَّبِي دانيال حَيْثُ وصف الْكَذَّابين وَقَالَ لَا تمتد دعوتهم وَلَا يتم قُرْبَانهمْ وَأقسم الرب بساعده أَن لَا يظْهر الْبَاطِل وَلَا تقوم لمدع كَاذِب دَعْوَة أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة
وَهَذَا دين مُحَمَّد رَسُولنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم مُنْذُ سِتّمائَة سنة ونيف فَكيف ترى هَذِه الْبَيِّنَة المصححة أمعدلة عنْدك أم مجرحة
وَكَذَلِكَ فِي صحف النَّبِي حبقوق وَهُوَ الشَّاهِد الْمُعظم الموثوق قَالَ جَاءَ الله من التَّيَمُّن وتقدس من جبال فاران وامتلأت الأَرْض من تحميد أَحْمد وتقديسه وَملك الأَرْض بهيبته وَقَالَ أَيْضا تضئ لَهُ الأَرْض وستنزع فِي قسيك إغراقا وترتوي السِّهَام بِأَمْرك يَا مُحَمَّد
فَهَذَا النَّبِي الصَّادِق الْمُصدق قد أفْصح بنعته وَصرح بإسم بَلَده وَشهد بصدقه وَمن كَانَ الْأَنْبِيَاء شُهُوده فقد اسْتحق مكذبه عَذَاب النَّار وخلوده فلعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ على من تبين لَهُ الْحق ثمَّ صَار عَنهُ من المعرضين وسنعقد فِي النبوات فصلا مُفردا ونأتي فِيهِ بالعجائب حَتَّى يتَبَيَّن فِيهِ تواقح كل طَاعن عائب
وَأما قَوْلك وَأَنت تدعى أَن كتابكُمْ من الله فَإِن كنت تنكر ذَلِك فَادع عصابتك البلغاء من نَصَارَى نَجْرَان الْمُتَكَلِّمين بلغَة الْقُرْآن ليعارض بِسُورَة من مثله فَإِن فعلوا ذَلِك دحضت حجَّته وَانْقطع عَظِيم قَوْله لكِنهمْ لما سمعُوا مِنْهُ الْقُرْآن تحققوا على الْقطع أَنه لَيْسَ يقدر عَلَيْهِ أحد من الْإِنْس والجان وَعَلمُوا أَنه كَلَام الْملك الديَّان فآمنوا وَصَدقُوا لما عرفُوا وحققوا فحصلوا على فضل الملتين وآتاهم الله أجرهم مرَّتَيْنِ