للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأما قَوْلك فأثبتوه من التَّوْرَاة بالعبراني وَمن الْإِنْجِيل بالعجمي فلتعلم أَنا لَوْلَا كره منا أَن نتكلم برضانة الْعَجم لَكَانَ ذَلِك علينا أيسر شَيْء يلْتَزم وَلَكنَّا إِن شَاءَ الله تَعَالَى نذْكر كَلَام الْأَنْبِيَاء من كتبكم كَمَا قد ترجمها المترجمون من أهل ملتكم مثل يرونم وَحَفْص ابْن الْبر وَغَيرهمَا من المترجمين الَّذين تثقون بقَوْلهمْ وتعولون على نقلهم وَلست أفعل مثل مَا أَنْت فعلت وَلَا أصنع شَيْئا مِمَّا صنعت حَيْثُ نقلت كَلَام الْأَنْبِيَاء بالعبراني والعجمي ثمَّ إِنَّك شرعت فِي تَرْجَمته وَفِي تَفْسِيره من غير أَن تنْسب التَّفْسِير إِلَى أحد المترجمين الْعَالمين بالمعاني وباللغات ومواقع الْأَلْفَاظ وَأما أَنْت فلست بموثوق بنقلك وَلَا مُصدق فِي قَوْلك لجهلك بِالشُّرُوطِ الَّتِي يحْتَاج إِلَيْهَا المترجمون وَإِذا ادعيت أَنَّك لست جَاهِلا فَمَا حد التَّرْجَمَة وحقيقتها وَمَا شُرُوطهَا وَكم أقسامها وَمَا الْمحل الَّذِي تجوز فِيهِ من الَّذِي لَا تجوز وَبِهَذَا السُّؤَال يظْهر جهلك وتبلدك وحصرك وتوددك

ثمَّ قلت فَائت بِمَا ادعيت وَإِلَّا يَمِيني لِأَنِّي أنكر هَا أَنا قد أَقمت الْبَينَات الْعُدُول الَّذين لَيْسَ لقَائِل فِي عدالتهم مَا يَقُول وَلَقَد أعلم مَعَ ذَلِك أَنَّك تبادر بِالْيَمِينِ وتباهت الْمُسلمين إِذْ قد تقولت بِالْكَذِبِ والزور على رب الْعَالمين ثمَّ ذكرت على جِهَة الإستهزاء والتنقيص والإزدراء والتخريص حَدِيث إمرأة رِفَاعَة لتقبح بذلك ديننَا وتنسب إِلَيْهِ شناعة وَأَنت مَعَ ذَلِك لم تعرف مَعْنَاهُ وَلَا فهمت فحواه

ثمَّ قلت بعد أَن أخللت بمساقه وَلم تقمه على سَاقه فَمثل هَذِه النبوات لَا نقبلها مِنْكُم لِأَن الْمَسِيح يَقُول لَا يَنْبَغِي لرجل طَلَاق زَوجته إِلَّا أَن تزنى فلتعلم أَن هَذَا كَلَام جَاهِل بِأَحْكَام الْأَنْبِيَاء ظان أَن أَحْكَام الشَّرْع صِفَات لأعيان الْأَشْيَاء ثمَّ تستمد من إِنْكَار النَّاسِخ والمنسوخ وَكَلَام كل جَاهِل مَرْدُود مفسوخ

فَنَقُول لهَذَا الْمُنكر الْجَاهِل الَّذِي لَيْسَ بمتشرع وَلَا عَاقل مَنعك طَلَاق الرجل زَوجته ورده إِيَّاهَا بعد طَلاقهَا لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون منعا من جِهَة الْعقل أَو من جِهَة الشَّرْع فَإِذا ادعيت أَنه من جِهَة الْعقل كَانَت دعواك بَاطِلَة بِالضَّرُورَةِ فَإِن صور هَذِه الْمسَائِل ووجودها مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ فَإِذا بَطل أَن يكون إمتناعها من جِهَة الْعقل فَيجوز أَن تُوجد وَإِذا جَازَ أَن تُوجد فَكيف يَنْبَغِي لمن ينتسب إِلَى الْعقل أَن يُنكر

<<  <   >  >>