قُرَيْش فَقَالَ نَاس من قُرَيْش زعم صَاحبكُم أَن الرّوم ستغلب فَارس فِي بضع سِنِين أَفلا نراهنك على ذَلِك فَقَالَ بلَى وَذَلِكَ قبل تَحْرِيم الرِّهَان فارتهن أَبُو بكر وَالْمُشْرِكُونَ وتواضعوا الرِّهَان وَقَالُوا لأبي بكر كم نجْعَل الْبضْع الْبضْع ثَلَاث سِنِين إِلَى تسع سِنِين فسم بَيْننَا وَبَيْنك وسطا ننتهي إِلَيْهِ قَالَ فسموا بَينهم سِتّ سِنِين فمضت السِّت سِنِين قبل أَن يظهروا فَأخذ الْمُشْركُونَ رهن أبي بكر فَلَمَّا دخلت السّنة السَّابِعَة ظَهرت الرّوم على فَارس فعاب الْمُسلمُونَ على أبي بكر تَسْمِيَة سِتّ سِنِين لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فِي بضع سِنِين}
قَالَ وَأسلم عِنْد ذَلِك نَاس كثير
وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا}
وَقد فعل الله ذَلِك بِمُحَمد وَأمته ملكهم الأَرْض واستخلفهم فِيهَا وأذل لَهُم ملوكا تَحت سيف الْقَهْر بعد أَن كَانُوا أهل عز وَكبر وأورثهم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ ومنحهم رقابهم {وعد الله إِن الله لَا يخلف الميعاد}
وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى {يُرِيدُونَ ليطفئوا نور الله بأفواههم وَالله متم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ}
فَإِن قيل كَيفَ يَصح لكم قَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} وَمَعْلُوم أَن ملك النَّصَارَى لم يَنْقَطِع فِي حَيَاته وَلَا بعد مَوته وَهَذَا ملكهم قَائِم فَلم يظْهر دينكُمْ على دينهم فَلَا معنى لقَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله}