للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالتواقح والشتائم وَنحن نجيب هذَيْن الْقسمَيْنِ على مَا قَالَاه جَوَابا يرفع الإشتباه وَنَرْجُو بِهِ التَّقَرُّب من الْإِلَه فَنَقُول للْأولِ

أما استدلالك على رد نبوة نَبينَا بقول عِيسَى فتجهيل للعامة وتلبيس عَلَيْهِم فَإنَّك أدخلته فِي جملَة أَنْبيَاء الْكَذِب وَقد شهد الْأَنْبِيَاء بصدقه كَمَا قدمنَا بل قد شهد كتابك بصدقه وبنبوته فَإِنَّهُ قد جَاءَ فِيهِ من قَول عِيسَى مَالا يمكنك إِنْكَاره حَيْثُ ذكر البرقليط وَأخْبر أَنه يَأْتِي وَوَصفه بِمَا يَنْبَغِي لَهُ وَقد قدمنَا ذَلِك مُسْتَوفى

فَهَذَا مِنْك ياهذا جهل بكتبك وَتَكْذيب لأنبيائك ورسلك وَإِنَّمَا الَّذِي حذر مِنْهُ عِيسَى وَغَيره من الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا هم أَنْبيَاء الْكَذِب كَمَا قَالَ وَلم تزل الْأَنْبِيَاء يحذرون من الْأَنْبِيَاء الْكَذَّابين

وَلَقَد أَكثر من مثل هَذَا التحذير نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ يكون فِي آخر الزَّمَان ثَلَاثُونَ كذبا كلهم يزْعم أَنه نَبِي وَأَنا خَاتم النَّبِيين فَلَا رَسُول بعدِي وَلَا نَبِي وَقد وجد بَعضهم وَلَا بُد من أَن يُوجد الْبَاقِي كَمَا قَالَ الصَّادِق

وَأما قَوْلك أَن سمة نَبينَا سمة الحملان وَعَمله عمل الذئاب فكذب صراح وإفك وقاح وَنحن قد بَينا سمته وَعَمله ومنهاجه وَقد عرف حَاله الْقَرِيب والبعيد بل سمته سمت الْأَنْبِيَاء وَعَمله عَمَلهم وَلَا فرق بَينه وَبينهمْ إِلَّا أَنه أفضلهم وأكملهم وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن فِي صحف أشعياء أَنه قَالَ أَتَت أَيَّام الإفتقادات أَيَّام الْكَمَال ثمَّ قَالَ لِتَعْلَمُوا يَا بني إِسْرَائِيل الْجَاهِلين أَن الَّذِي تسمونه ضَالًّا هُوَ صَاحب النُّبُوَّة تفترون بذلك على كَثْرَة ذنوبكم وَعظم فجوركم

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّمَا عَنى نَبينَا وَلم يرد غَيره لِأَنَّهُ قَالَ يَا بني إِسْرَائِيل وَهَذَا خطاب لجميعهم وَلم تكذب جَمِيع بني إِسْرَائِيل بنبوة نَبِي إِلَّا نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تقدم وَأما عِيسَى وَغَيره فَكَانَ مِنْهُم من آمن بِهِ وَصدقه على مَا هُوَ مَعْرُوف

وَأما قَوْلك أَمر بِخِلَاف هَذِه الْوَصَايَا من العدواة للنَّاس فكذب وتشنيع لَا يرضى بِهِ سفلَة النَّاس بل قد أَمر بالألفة والإجتماع والتحاب فِي الله والمؤاخاة فِي ذَاته والتعاون على الْبر وَالتَّقوى وَنهى عَن التباغض والتدابر والتخاذل على مَا بَيناهُ من شَرعه

<<  <   >  >>