للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاستقر بِهِ الْقَرار واطمأنت الدَّار، وَطَالَ الْحصار، وعجزت عَن نصر الْجَبَل الْأَنْصَار، ووجمت الظنون وَسَاءَتْ الأفكار [وَشَجر] نظار الْقُلُوب الِاضْطِرَار إِلَى رَحْمَة الله والافتقار، فجبر الله الخواطر لما عظم بهَا الانطسار، وَدَار بإدالة الْإِسْلَام الْفلك الدوار، وتمخض عَن عجايب صنع الله اللَّيْل وَالنَّهَار، وهبت نواسم الْفرج عاطرة الأرج عَمَّن يخلق مَا يَشَاء ويختار، لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْوَاحِد القهار. وبينما نَحن نَخُوض من الشَّفَقَة عى ذَلِك المعقل، الْعَزِيز على الْإِسْلَام لجة مترامية الغارب، ونقتعد مِنْهُ صعبا لَا يلين لراكب. وَلَوْلَا التَّعَلُّق بأسبابكم فِي ارتداد تِلْكَ الغياهب، وَمَا خلص إِلَى هَذِه الْبِلَاد من مواهبكم الهامية الْمَوَاهِب، ومواعيدكم الصادقة، ومكارمكم الغرايب، وكتبكم الَّتِي تقوم عِنْد الْعَدو مقَام الكتايب، وإمدادكم المتلاحق تلاحق الصِّبَا والجنايب، لما نآ الْكفْر بصفقة الخايب، إِذا تجلى النُّور من خلال تِلْكَ الظلمَة، وهبت سحايب الرَّحْمَة وَالنعْمَة على هَذِه الْأمة، وَرمى الله الْعَدو بِجَيْش من جيوش قدرته، أغْنى من العديد وَالْعدة، وأرانا رأى العيان لطايف الْفرج بعد الشدَّة، وَأهْلك الطاغية حتف أَنفه، وَقطع بِهِ عَن أمله قَاطع حتفه، وغالته أَيدي الْمنون فِي غيله، وانْتهى إِلَى حُدُود القواطع القوية، والأشعة المريخية تصير دَلِيله. فشفى الله مِنْهُ دَاء، وَأَخذه أَشد مَا كَانَ [اعتدادا] ، واعتداء، وَحمى الجزيرة الغريبة، وَقد صَارَت نهبة لحماته، وأشرقه بريقه، وَهِي مُضْغَة فِي لهواته، سُبْحَانَهُ لَا مبدل لكلماته. فانتثر سلكه الَّذِي نظمه، واختل تَدْبيره الَّذِي أحكمه، ونطقت بتبار محلته أَلْسِنَة النَّار، وعاجلت انتظامها أَيدي الانتثار، وركدت رِيحه

<<  <  ج: ص:  >  >>