الْمجْلس الثَّانِي
قَالَ الْمخبر: فَلَمَّا اندمل جرح الْفِرَاق، بعد طول، وزمان مطول، ومحى رسم التَّذَكُّر تكَرر فُصُول، ونصول خطاب وخطاب نصول، بَينا أَنا ذَات يَوْم فِي بعض أسواق الْغُبَار، أسرح طرف الِاعْتِبَار، فِي أُمَم تنسل من كل حدب، وتنتدب من كل منتدى، مَا بَين مُشْتَمل الصماء يلويها، ولائث الْعِمَامَة لَا يسويها. وصاعد من غور، ومتظلم من جور، وممسك بذنب عير أَو رفق ثَوْر يموجون، وَمن الأجداث يخرجُون، كَأَنَّهُمْ النَّمْل نشرها، وَقد برزت إِلَى الشَّمْس من منظر الأمس، يشيرون بأجنحة الأكسية، ويتساقطون على ثمار الْقلب، وأستار الأحسية، وَقد اصطف ذابحوا الْجَزُور، وَبَايَعُوا اللبوب والبذور، ولصق بالأملياء حللة العقد، وَشَهَادَة الزُّور، وَنظرت فِي ذَلِك الْمُجْتَمع الهائل الْمرَائِي والمستمع، إِلَى درسة غي، وطهاة عي، ورقاة جُنُون، بضروب من القَوْل وفنون، وَفهم كهل قد استظل بقيطون، وسل سيف الأطون، وتحدى برقية لديغ ومداواة سبطين، قد اشْتَمَل بسمل غباره، وَبَين يَدَيْهِ عيار فِي جلد فاره، وَطعن من إطْعَام كفاره، وأمامه تلميذ قد شمر الأكمام والتفت الْخلف والأمام، وَصرف لوحي لحظه الاهتمام، وَهُوَ يأسو ويجرح [ويتحكم بِلِسَان الْقَوْم ثمَّ يشْرَح] ويقيد من حَضَره بِقَيْد الْعَزِيمَة فَلَا يبرح، وَيَقُول أَيهَا البهم السارح، والحزب المسرور بِمَا لَدَيْهِ الفارح، والسرب الَّذِي تقتاته الْوُلَاة الْبَغي الْجَوَارِح، ضرفتهم غرُوب اعتنايكم لنسائكم وأبنائكم، وذهلتم عَمَّن جعلتم بفنائكم، وجعلتم تطمعون وتجمعون إِنَّمَا يستجيب الَّذين يسمعُونَ، من وَقعت عَليّ مِنْكُم عينه، فقد رأى فاتح أقفال الأسمار، ومثبت الْفِرَار، ومصمت الْإِفْك الصرار، ومقدر مياه الْآبَار بسير الْغُبَار، ومخرج الأضمار فِي الْمِضْمَار، وَمذهب الْمس، وطارد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute