للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْحسن الملياني صَاحب الْعَلامَة بالمغرب:

الْكَاتِب الفاتك، والصارم الباتك. إِلَى اضْطِرَاب ووقار، واستضام للعظايم واحتقار، وغنى فِي افتقار، وتجهم تَحْتَهُ أنس الْعقار، اتَّخذهُ ملك الْمغرب صَاحب علامته، وَتوجه بتاج كرامته. وَكَانَ يُطَالب جملَة من أَشْيَاخ مراكش بثار عَمه [ويطوقهم دَمه بِزَعْمِهِ، وَيقصر عَن الِانْتِصَار مِنْهُم بَنَات عَمه إِذْ سعوا بِهِ] حَتَّى اعتقل، ثمَّ جدوا فِي أمره حَتَّى قتل، فترصد كتابا إِلَى مراكش يتَضَمَّن أمرا جزما ويشمل من أُمُور الْملك عزما، جعل فِيهِ الْأَمر بِضَرْب رقابهم، وَسبي أسبابهم. وَلما أكدت على حامله فِي الْعجل، وضايقه تَقْدِير الْأَجَل، تأنى حَتَّى علم أَنه قد وصل، وغرضه قد حصل. وفر إِلَى تلمسان، وَهِي بِحَال حصارها، واتصل بأنصارها حَالا بَين أنوفها وأبصارها، وتعجب من فراره، وَسُوء اغتراره. ثمَّ اتَّصَلت الْأَخْبَار بِتمَام الْحِيلَة، واستيلاء الْقَتْل على أَعْلَام تِلْكَ الْقَبِيلَة، فَتَركهَا شنيعة على الْأَيَّام، وعارا فِي الأقاليم على حَملَة الأقلام، وَأقَام بتلمسان إِلَى أَن حل مخنق حصرها، وأزيل هميان الضيقة عَن خصرها، فلحق بالأندلس وَلم يعْدم برا ورعيا مستمرا حَتَّى أَتَاهُ حمامه، وانصرمت أَيَّامه.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن سعد

مَقْدُور عَلَيْهِ، محفوف بِالْحَاجةِ من خَلفه وَمن بَين يَدَيْهِ من رجل يَهْتِف باضطلاع الْعُلُوم، ويهذر بالشعر هذر المحموم. ثقل حَتَّى خف، وكثف حَتَّى شف. إِلَّا أَنه لَا ينقبض من بسط، وَلَا يلقى جعد المزاج إِلَّا بِخلق سبط، وَلم يكن خلوا من فَائِدَة يلقيها، وطرفة ينتقيها. وأفادته الرحلة الحجازية لِقَاء أَعْلَام، ومصابيح إظلام، كَانَ يطرز بمحاسنهم الْمجَالِس، ويفضح بأنوارهم النَّهَار الشامس وَله سلف صَالح، وأدب ضعفه وَاضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>