للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كتب الزواجر والعظات]

فَمن ذَلِك فِي مُخَاطبَة ابْن مَرْزُوق

سَيِّدي الَّذِي يَده الْبَيْضَاء لم تذْهب بشهرتها الْمُكَافَأَة. وَلم تخْتَلف فِي مدحها الْأَفْعَال، وَلَا تغايرت فِي حمدها الصِّفَات، وَلَا تزَال تعترف بهَا الْعِظَام الرفات، أطلقك الله من أسر الْكَوْن، كَمَا اطلقك من أسر بعضه، وزهدك فِي سمائه العاتية وأرضه، وحقر الْحَظ فِي عين بصيرتك بِمَا يحملك على رفضه، اتَّصل بِي الْخَبَر السار من تَركك لشأنك، وأجنا الله إياك ثَمَرَة إحسانك وانجياب ظلام الشدَّة الحالك، عَن أفق جلالك، فكبرت ارتياحا لانتشاق رضَا الله الطّيب الأرج، واستعبرت لتضاؤل الشدَّة بَين يَدي الْفرج، لَا بسوى ذَلِك من رضَا مَخْلُوق يُؤمر فيأتمر، ويدعوه الْقَضَاء فيبتدر، إِنَّمَا هُوَ فَيْء، وظل لَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء، ونسله جلّ تَعَالَى أَن يَجْعَلهَا آخر عَهْدك بالدنيا وبنيها، وَأول معارج نَفسك الَّتِي تَقربهَا من الْحق وتدنيها، وكأنني وَالله أحس بثقل هَذِه الدعْوَة على سَمعك، ومضادتها وَلَا حول وَلَا قُوَّة بِاللَّه لطبعك، وَأَنا أنافرك إِلَى الْعقل الَّذِي هُوَ قسطاس الله فِي عَالم الْإِنْسَان، والآلة لبث الْعدْل وَالْإِحْسَان، وَالْملك الَّذِي يبين عَنهُ ترجمان اللِّسَان، فَأَقُول لَيْت شعري مَا الَّذِي غبطك سَيِّدي بالدنيا، وَإِن بلغ من زبرجها الرُّتْبَة الْعليا، وأفرض الْمِثَال بِجلَال إقبالها، وَوصل حبالها، وخشوع جبالها، وضراعة سبالها، المتوقع الْمَكْرُوه صباح مسَاء، وارتقاب الْحِوَالَة الَّتِي تديل من النعم البأسا، وَلُزُوم المنافسة الَّتِي تعادي الْأَشْرَاف والرؤسا. لترتب الْعدْل حَتَّى على التَّقْصِير فِي الْكتب، وضغينه جَار الْجنب، وولوع الصّديق بإحصاء الذَّنب، ألنسبة وقايع الدولة إِلَيْك، وَأَنت مِنْهَا عرى إِلَّا بشهدانك للمضمار الَّتِي تنتجها

<<  <  ج: ص:  >  >>