عَجِيبَة، وينتج الْبَدَائِع بَين طبع فَحل وفكرة نجيبة، ويتلقى دَاعِي الْبَيَان بِنَفس سميعة مجيبة، من غير اقتناء لأدواته، وَلَا اعتنا بِذَاتِهِ، إِلَّا أَنه يلابس أَرْبَاب الطّلب، فَرُبمَا حصل مِمَّا يُريدهُ على الأرب.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن هاني
جملَة حسب ووقار، وبراعة تمد إِلَيْهَا المهارق أكف افتقار. نظمته الدولة اليوسفية فِي سمط كتابها، وأظلته بِظِل جنابها، وَطلب لهَذَا الْعَهْد نَفسه بالأدب، وَتمسك مِنْهُ بِالسَّبَبِ، فصدر عَنهُ من ذَلِك مَا يستطرف على الْبِدَايَة، وَيدل أَن استتب على فصل الْهِدَايَة.
وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي عَمْرو بن زَكَرِيَّا
يتوسل فِي الْكِتَابَة بجدين، ويكافح مِنْهَا بحدين، ويستند من الْجِهَتَيْنِ اللوشية والمرابطية إِلَى مجدين. وَأما أَبوهُ رَحمَه الله، فحظه زين الزين، بطرفة النَّفس وقرة الْعين، فَإِن نجب ونهض، فَهُوَ عرق نبض، وَإِن جنح إِلَى قُصُور، فَغير مَعْذُور.
وَمن ذَلِك فِي وصف الْحَاج أبي الْعَبَّاس القراق
لِسَان بالشعر يَهْتِف، وَيَد بالكدية تنتف، لَا يُبَالِي ألبس من القَوْل جَدِيدا أَو رثا، أَو كَانَ سمينا من الشّعْر أَو غثا، أَو نظم بسيطا أَو مجتثا. إِنَّمَا همته فِي قافية حَاضِرَة، وخواطر مِنْهُ خاطرة، وسما نوال ماطرة. وَمَعَ ذَلِك فخفيف الْجَانِب، سهل المذانب، يَخُوض من فروع الْفِقْه لجة، ويوضح مِنْهَا حجَّة. مدح بِهَذِهِ الْأَبْوَاب وكد، وَتعرض وتصدى، وَكتب عَن الْأُمَرَاء فَمَا حاد عَن السّنَن الْحسن وَلَا تعدى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute