وَمن ذَلِك مَا كتبت بِهِ إِلَى رَئِيس ديوَان الإنشاد الشريف شمس الدّين أبي عبد الله بن أبي ركب [أعزه الله تَعَالَى]
أبقى الله أَيَّام الْمجْلس العالي ظلا على العشائر والفضائل، أجمة للأسد الغر الصَّائِل، مفضضة الغدوات، مذهبَة الأصائل، من أمثالهم الَّتِي كلفت بهَا الألسن، الموثرة لما يحسن، لَوْلَا الحمقاء لخربت الدُّنْيَا، وَالَّذِي يشْرَح بِهِ هَذَا الْمُضمر، إِنَّهَا بهم تعمر، فَيعْمل الصَّائِف للشاتي، ويخلف الذَّاهِب الْآتِي، وَمن الْأَدِلَّة، والبراهين المستقلة عِنْد الجلة، مُخَاطبَة الْمَمْلُوك ذَلِك الْمجْلس العلمي مَعَ قُصُور النّسَب الَّتِي قدمت للْعُذْر وتمهد، بل مَعَ وفور مَا يرغب ويزهد، أما بِاعْتِبَار الإيالة والخلافة العباسية أصل، وَمَا سواهَا فرع، حجَّة يعضدها طبع وَشرع، وَلَا يَتَّسِع فِي ردهَا ذرع. وَأما بِاعْتِبَار الْقطر فايز الْقدَم من المفرق، وَأَيْنَ الغرب من الْمشرق، تشهد بذلك الشعار الْخمس، وَالْيَوْم والأمس، لَا بل الشَّمْس، فَهَذَا ننصب فِيهِ منصتها، وتشهر قصَّتهَا، وَهَذَا تتبلع فِيهِ فرصتها، وتجترع غصتها. وَأما بِاعْتِبَار الذوات، فَلَو لم يكن إِلَّا النّسَب الْقرشِي (لَكَانَ] مُوجبا للتقديم، مسوغا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح مزية التَّقْدِيم، فَإلَى أَيْن يذهب مُخَاطب الْمجْلس العلمي، وَقد سدت الْمذَاهب، وتباينت الْأَنْوَار والغياهب، وَالله الْوَاهِب، وَلَقَد أحس الْمَمْلُوك عِنْد تعَاطِي هَذِه الذريعة الَّتِي تزل فِيهَا الْأَقْدَام، وينتصح الْإِقْدَام، وتخل الدَّعْوَى بصاحبها. كَمَا يفعل الدام، خورا فِي الطباع، وقصرا فِي الباع، وكلالا فِي الأداة، وسهوا فِي فَرِيضَة الْبَيَان المؤداة. أما الْفِكر ففر، وَأما البراع فنحل واصفر، وَأما الطرس فخفق فُؤَاده، وَأما النَّفس فحال سوَاده،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute