للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من صبَابَة حرث كَانَ يستغله. وَكَانَ لَهُ شعر لم يثقفه النّظر، وَلَا وضحت مِنْهُ الْغرَر، كتب إِلَى السُّلْطَان أَمِير الْمُسلمين منفق سوق خدمته، ومتعهده بنعمته، يطْلب تَجْدِيد بعض عناياته.

وَمن ذَلِك فِي وصف الْوَزير الْكَاتِب أبي عبد الله بن عِيسَى

من أَعْلَام هَذَا الْفَنّ، ومشعشعى رَاح هَذَا الدن. مَجْمُوع أدوات، وَفَارِس فَلم ودوات، ظريف المنزع، أنيق المرأى والمسمع. اقتنص الرياسة، فأدار فلك إمارتها، واتسم باسم كتَابَتهَا ووزارتها، ناهضا بالأعباء، راقيا فِي درج التَّقْرِيب والاجتباء، مصانع دهره فِي رَاح وراحة، آويا إِلَى فضل وسماحة، وخصب ساحة، فَكلما فرغ من شَأْن خدمته، وَانْصَرف عَن رب نعْمَته، عقد شربا، وأطفأ من الاهتمام بِغَيْر الْأَيَّام حَربًا، وَعَكَفَ على صَوت يستعيده، وظرف يبديه ويعيده. فَلَمَّا تقلبت بالرياسة الْحَال، وقوضت مِنْهَا الرّحال، اسْتَقر بالمغرب غَرِيبا، يقلب طرفا مستريبا، وتلحظه الدُّنْيَا تبعة عَلَيْهِ وتثريبا، وَإِن كَانَ لم يعْدم من أمرايها حظوة وتقريبا. وَمَا برح ينوح بشجنه، ويرتاح إِلَى عهود وَطنه.

وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي بكر بن العريف

بَقِيَّة الظّرْف من كتاب ديوَان الْحساب، إِلَى نفس صَافِيَة من الكدر، وَصدر طيب الْورْد والصدر، ودوحة عهد تندى أوراقها، ومشكاة فضل يسطع إشراقها. تمسك برضاع الكأس، يرى ذَلِك من حسن عَهده، وَقسم لحظاته بَين آس الرياض وورده. فَلَمَّا حوم حمامه للوقوع، وَكَاد يقوض رَحْله عَن الربوع، وَشعر بحبايل الْمنية تعتلقه، وسرعان خيل الْأَجَل ترهقه، أقلع عَن فنه، وَأمر بسفك دنه، ولجأ إِلَى الله بأوبته، وَغفر ان حوبته. فَكَانَ ذَلِك عنوان الرِّضَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>