للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى تأود دوحه، وتعطر روحه. ثمَّ رمد بعد مَا سوى، وأحدث عقبه مَا نوى، وجنح إِلَى خطة الْأَشْرَاف، فجمل وَمَا أجمل، وأغفل الحزم وَمَا تَأمل، وَأحل سنَن الْأَشْرَاف فِيمَا أهمل. والجاه ضيق عطنه، إِلَى فِرَاق وَطنه، وينتحل شعرًا يسطع أرجه، ويسمو منعرجه.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الشريشي

طَالب نبيل، لَا بلتبس من مذاهبه سَبِيل، أَبوهُ وراق هَذِه الأقطار، الَّذِي طَار اشتهاره كل المطار، فقلما تَجِد بَلَدا مَذْكُورا، بل بَيْتا معمورا إِلَّا وَبِه من خطه شَيْء مَعْرُوف، إِن لم تلف مِنْهُ صنوف أَو أُلُوف. وَنَشَأ ابْنه هَذَا طَالبا ذكيا، وفطنا لوذعيا، وفاضلا سريا.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله اللؤلؤة

فَاضل منقبض، مضطلع بِحَبل الرِّوَايَة منتهض. رجل إِلَى الْحجاز الشريف، وَهُوَ اللؤلؤة لفظا وَمعنى، وَتحمل فِي الْعِنَايَة بالرواية وتعنى، وكلف بهَا كلف قيس بلبنى، حَتَّى هصر مِنْهَا كل عذب المجنى، وَظَهَرت عَلَيْهِ بركَة مقصدها الْأَسْنَى. وآب إِلَى بِلَاده، وَهُوَ خلق جَدِيد، وظل عفافه عريض مديد، فاجتلب من الْفَوَائِد المشرقية والطرف المأثورة عَمَّن لَقِي من الْبَقِيَّة، مَا أوجب لَهُ نيل المزية، ونبل الرحلة الحجازية. وَلم يلبث أَن هلك بحصن قمارش بلد أَهله وخبت أنوار فَضله.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن خَاتِمَة

حسن السمة ظريفها، مَقْبُول النزاعة طريفها. لبيته فِي خدام الجباية شهرة ذائعة، ونباهة شائعة، فهم فرسَان الأزمة، وقوام تِلْكَ الْأُمُور المهمة، حاد عَن طريقهم، وَمَال عَن مرافقة فريقهم، وجنح إِلَى الْعَدَالَة، وأنف من الإدالة، فتحلى بالخيرية وتوشح، وترقي بِسَبَبِهَا وترشح. وَله أدب نبيل، وسمت وضح مِنْهُ فِي النزاهة سَبِيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>