للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ، أبراجه المنيعة وأسواره، وكففنا عَن الْعباد والبلاد أضراره، بعد أَن أضفنا إِلَيْهِ حصن السهلة جَاره، ورحلنا عَنهُ بعد أَن شحناه رابطة وحامية، [وأوسعناه] أزوادا نامية، وعملنا بيدنا فِي رم مَا ثلم الْقِتَال، وبقر من بطُون مسابقه الرِّجَال، واقتدينا بنبينا صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ، فِي الخَنْدَق، لما حمى ذَلِك المجال، وَوَقع الارتجاز الْمَنْقُول خَبره والارتحال، وَمَا كَانَ لِيُقِر الْإِسْلَام مَعَ تَركه الْقَرار، وَقد كتب الْجوَار، وتداعي الدعْوَة وتعاون الشرار.

وَقد كُنَّا أغزينا الْجِهَة الغربية من الْمُسلمين، مَدِينَة برغة، الَّتِي سدت بَين القاعدتين رندة ومالقة الطَّرِيق، وألبست ذل الْفِرَاق، ذَلِك الْفَرِيق، ومنعتهما أَن يسيغا الرِّيق، فَلَا سَبِيل إِلَى الْإِلْمَام لطيف الْمَنَام إِلَّا فِي الأحلام، وَلَا رِسَالَة إِلَّا فِي أَجْنِحَة هدى الْحمام، فيسر الله فتحهَا، وَعجل منحها، بعد حَرْب انبتت فِيهَا النحور، وتزينت الْحور. وَتبع هَذِه الْأُم بَنَات شهيرة، وبقع للزَّرْع والضرع خيرة، فشفى الثغر من بوسه، وتهلل وَجه الْإِسْلَام بِتِلْكَ النَّاحِيَة بعد عبوسه. ثمَّ أعملنا الْحَرَكَة إِلَى مَدِينَة أطريرة على بعد المدا، وتغلغلها فِي بِلَاد العدا، واقتحام هول البلا وغول الردى، مَدِينَة تبنتها حمص فَأَوْسَعْت الدَّار، وأغلت الشوار، وراعت الاستكثار، وَبسطت الاعتمار. رجح إِلَيْنَا قَصدهَا على الْبعد، وَالطَّرِيق الْجَعْد، مَا أسفت بِهِ الْمُسلمين، من استيصال طايفة من أَسْرَاهُم، مروا بهَا آمِنين، وبظاهرها المشئوم متيمنين، قد أنهكهم الاعتقال والقيود الثقال، وأضرعهم الأسار، وجللهم الانكسار، فجدلوهم فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>