للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لسلطان الشَّيْطَان وعتاد، أعلم فِيهِ البطل الباسل، وَتردد الْأَبْيَض الباتر، وتأود الأسمر العاسل، ودوم الجلمد المتكاسل، وابتعث من حدب الحنية إِلَى هدف الرَّمية الناشر الناسل، وَرويت لمرسلات السِّهَام المراسل. ثمَّ أفْضى أمره الرماح إِلَى التشاجر والأرتباك وتشبثت الأسنة فِي الدروع تشبث السماك فِي الشباك، ثمَّ اخْتَلَط المرعى بالهمل، وعزل الرديني عَن الْعَمَل، وعادت السيوف من فَوق المفارق تيجانا، بعد أَن شقَّتْ غدر السوابغ خلجانا، واتخذت جداول الدروع فَصَارَت بحرا. وَكَانَ التعانق فَلَا ترى إِلَّا نحرا يلازم نحرا، عنَاق وداع، وموقف شَمل ذِي أنصداع، وَإجَابَة مُنَاد إِلَى فِرَاق الْأَبَد وداع، واستكشفت منال الصَّبْر الْأَنْفس الشفافة [وهبت برِيح النَّصْر الطَّلَائِع المبشرة الهفافة] ثمَّ أمد السَّيْل ذَلِك الْعباب، وصقل الاستبصار الْأَلْبَاب، واستخلص الْعَزْم صفوة اللّبَاب، وَقَالَ لِسَان الصَّبْر ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب، فَأَصْبَحت طوايف [الْكفَّار] حصايد مناجل الشفار، فمغافرهم قد رضيت حرماتها بالإخفار، ورؤوسهم محطوطة فِي غير مقَام الاسْتِغْفَار، وعلت الرَّايَات من فَوق تِلْكَ الأبراج المستطرفة الأسوار، ورفرف على الْمَدِينَة جنَاح الْبَوَار، لَوْلَا الِانْتِهَاء إِلَى الْحَد والمقدار، وَالْوُقُوف عِنْد اختفاء سر الأقدار.

ثمَّ عبرنا نهرها، وسددنا بأيدي الله قهرها، وضيقنا حصرها، وأدرنا بلآلي القباب الْبيض خصرها، وأقمنا بهَا أَيَّامًا، تحوم عقبان البنود على فريستها حياما، ونرمى الأدواح ببوارها، ونسلط النَّار على أقطارها، فلولا عوايق الْمَطَر، لحصلنا من فتح ذَلِك الوطن على الوطر. فَرَأَيْنَا أَن نروضها بالاجتثاث والانتساف،

<<  <  ج: ص:  >  >>