للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ مِمَّا زيد فِي آخر الرسَالَة النَّبَوِيَّة فصل فِي استفتاح الجزيرة الخضراء صدر عَنى إملاء على الْكتاب عِنْدَمَا توجه الرَّسُول إِلَى ضريح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي آخر ربيع الأول الْمُبَارك من عَام أحد وَسبعين وَسَبْعمائة، وأغفل ذَلِك عَن مَوْضِعه إِلَى أَن ألحق بِهَذَا الْموضع

وَاسْتولى أهل الثغور لهَذَا الْحَد على معاقل، كَانَت مستغلقة ففتحوها، وشرعوا أرشية الرماح إِلَى قلب قلوبها فمنحوها، وَلم تكد الجيوش المجاهدة تنفض إِلَّا عَن الْأَعْرَاف متراكم الْغُبَار، وترخى عَن أباطيلها شدّ حزم المغار، حَتَّى عاودت النُّفُوس شوقها، واستتبعت ذوقها، وخصت الَّتِي لَا فَوْقهَا، وَذَهَبت، بهَا الآمال إِلَى الْغَايَة القاصية، والمدارك المتعاصية، على الأفكار المتغاصية. فقصدنا الجزيرة الخضراء، بَاب هَذَا الوطن، الَّذِي مِنْهُ طرق وادعه، ومطلع الْحق الَّذِي صدع الْبَاطِل صادعه، وثنية الْفَتْح الَّذِي برق مِنْهَا لامعه، ومثيرة الهجوم الَّذِي لم تكن لتعبر على غَيره مطامعه، وفرضة الْمجَاز الَّذِي لَا تنكر، وَمجمع الْبَحْرين فِي بعض مَا يذكر، حَيْثُ يتقارب الشطان، وتتقاطر ذَوَات الأشطان، وتقارب الحطان، وَكَاد أَن يلتقي حَلقَة البطان، وَقد كَانَ الْكفْر قدر قدر هَذِه الفرضة، الَّتِي طرق مِنْهَا حماه، ورماه الْفَتْح الأول مرماه، وَعلم أَن لَا يتَّصل أَيدي الْمُسلمين من إخْوَانهمْ إِلَّا من تلقائها، وَأَنه لَا يعْدم الْمَكْرُوه مَعَ بَقَائِهَا، فأجلب عَلَيْهَا بخيله وَرجله، وسد أفق الْبَحْر من أساطيله، ومراكب أباطيله بِقطع ليله، وتداعى الْمُسلمُونَ بالعدوتين إِلَى استنقاضها من لهواته، أَو إِِمْسَاكهَا من دون مهواته، فعجز الْحول، وَوَقع إِيَّاهَا بملكة القَوْل، واحتازها قهرا، وَقد صابرت الضّيق مَا يناهز ثَلَاثِينَ شهرا، وأطرق الْإِسْلَام بعْدهَا إطراق

<<  <  ج: ص:  >  >>