للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرفيعة، من عدد الْإِيمَان، وَمن لَهُ بِذَاتِهِ وسلفه علو الشان، وسمو الْمَكَان، والحسب الوثيق الْبُنيان، ولبيته الْكَرِيم من نجد حق السَّابِقَة فِي ولَايَة هَذِه الأوطان، والمدافعة عَن حوزة الْملك، وَحمى السُّلْطَان، إِن فوخر، فاصدعوا بالمفاخر الْمَعْلُومَة، ومتوا إِلَى ملك الْمغرب ببنوة العمومة، وتزينوا من خُيَلَاء الْعِزّ بالتيجان الْمَنْظُومَة، فهم سيوف الدّين، وأبطال الميادين، وأسود العرين، ونجوم سَمَاء بني مرين. وَكَانَ سلفه الْكَرِيم رَضِي الله عَنهُ يستضيء من رَأْيه بالشهاب الثاقب، ويحله من بِسَاط تقريبه أَعلَى الْمَرَاتِب، ويستوضح كنه جَمِيع الْمذَاهب، ويستظهر بِصدق دفاعه على جِهَاد الْعَدو المكاذب، وَيرى أَن عز دولته وَسيف صولته، وذخيرة فخره، وسياج أمره، جدد لَهُ هَذِه الرتب تجديدا صير الْغَايَة مِنْهَا ابتدا، واستأنف بِهِ أعلا، وَلم يدّخر بِهِ حظوة، وَلَا اعتنا. وَحين صير الله إِلَيْهِ ملك الْمولى أَبِيه بمظاهرته ورأيه، وقلده قلادة الْملك الْأَصِيل وراثة آبَائِهِ، وَحمد سَعْيه بعد أَن سبق الألوف إِلَى الْأَخْذ بثأره، وعاجلت البطشة الْكُبْرَى يَد ابتداره، وأردى بِنَفسِهِ الشقى الَّذِي سعى فِي تبديد الْإِسْلَام وإطفاء أنواره، على تعدد خلصان الْملك يَوْمئِذٍ، وتوفر أنصاره، فاستقر الْملك فِي قراره، وانسحب السّتْر على مَحَله. وامتد ظلّ الْحِفْظ على دَاره. عرف وَسِيلَة هَذَا الْمقَام الَّذِي قامه، والوفا الَّذِي رفع أَعْلَامه، فَألْقى إِلَيْهِ فِي مُهِمّ الْأُمُور بالمقاليد، وألزمه مُلَازمَة الْحُضُور مَجْلِسه السعيد، وَشد يَد الِاغْتِبَاط على قربه مستمنحا مِنْهُ بِالرَّأْيِ السديد، ومستندا من وده إِلَى الرُّكْن الشَّديد، وأقامه بِهَذِهِ الجزيرة الأندلسية عماد قومه، فَهُوَ فيهم يعسوب الكتيبة، ووسطى العقد الفريد، وفذلكة الْحساب، وَبَيت القصيد، فدواره مِنْهُم للشريد مأوى الطريف والتليد، وَالْكَفِيل بِالْحُسْنَى والمزيد. يقف بِبَابِهِ أمراؤهم، ويركض خَلفه كبراؤهم، مجددا من ذَلِك مَا عقده سلفه من تَقْدِيمه، وأوجبه مزية حَدِيثَة وقديمة. فَهُوَ شيخ الْغُزَاة على اخْتِلَاف

<<  <  ج: ص:  >  >>