للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمدد لم يضر مَعَه الْبَحْر الهائل، وَلَا الْعَدو الغائل، وَأقَام أودها عِنْد الشدائد للفلك الْمسَائِل، لَا بل الْملك الَّذِي لَهُ إِلَى الله الْوَسَائِل، وَحسب الجفن رسالتكم الْكَرِيمَة لحظا بصار وَأكْرم، وعوذة فتعوذ بهَا وَتحرم، وَتَوَلَّى الْمَمْلُوك تَنْفِيقِ عروضها بانشراح صَدره، وعَلى قدره، فَوَقَعت الْموقع الَّذِي لم يقعه سواهَا، فَأَما الْخَيل فَأكْرم مثواها، وَجعلت جنَّات الصون مأواها، وَلَو كُسِيت الرّبيع الزهر حللا، وأوردت فِي نهر المجرة علا ونهلا، وقلدت النُّجُوم العواتم حلا، ومسحت أعطافها بمنديل النسيم، وألحفت بأردية الصَّباح الوسيم، وافترشت لمرابطها الحشايا، وأقضمت حبات الْقُلُوب بالعصايا، لَكَانَ بعض مَا يجب لحقها الَّذِي لَا يجْحَد فَضله، وَلَا يحتجب، وَمَا عَداهَا من الرَّقِيق والفتيان، رُعَاة ذَلِك الْفَرِيق، يكتنفه الِاسْتِحْسَان، ولطنب الِاعْتِقَاد وَإِن قصر اللِّسَان، تولى الله تِلْكَ الْخلَافَة بالشكر الَّذِي يحْسب العطا، وَالْحِفْظ الَّذِي يسبل الغطا، والصنع الَّذِي ييسر من مطى الآمال الامتطا. وَأما مَا يخْتَص بالمملوك فقد خصّه بقبوله تبركا بِتِلْكَ الْمَقَاصِد الَّتِي سددها الدّين وعددها الْفضل الْمُبين، وَأنْشد الْخلَافَة الَّتِي راق من مجدها الجبين:

(قلدتني بفوائد أخرجتها من ... بَحر جودك وَهُوَ ملتطم البثج)

(ورعيت نسبتها فَإِن سبيكة ... مِمَّا يلائم لَوْنهَا قطع السبج)

والمملوك بِهَذَا الْبَاب النصري أعزه الله، مَا أنسى الْأَجَل على قدم خدمه، وقائم بشكر منَّة لكم ونعمه، وحاضر فِي جملَة الْأَوْلِيَاء بدعائه وحبه، ويتوسل فِي بَقَاء أيامكم، [وَنصر أعلامكم] إِلَى ربه، وَإِن بعد بجسمه فَلم يبعد بِقَلْبِه. وَالسَّلَام الْكَرِيم الطّيب الْبر العميم يَخُصهَا دَائِما مُتَّصِلا، وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>