وَلَا أهملتم هَذَا المهم الَّذِي عرض، فَإِنِّي رميت مِنْهَا للبر رمى المختبر، فكلح من مرَارَة الصَّبْر، وَلما أخرجتها من كفن القفة، واستدعيت لمواراتها من حضر من الْأَصْحَاب أهل الصّفة، تمثلت تمثل لَبِيب بقول حبيب:
(هن الْحمام فَإِن كسرت عناقه ... من حايهين فَإِنَّهُنَّ حمام)
وَلَوْلَا أَن أحد الدجاجتين لاحت عَلَيْهَا مخيلة سرو، وَكَانَت من بقايا ديوك مرو، بعث بهَا جلالك جَلَاله، وَأهْدى مِنْهَا لفساد مزاجي آله، لم يكن فِي الْهَدِيَّة مَا يذكر، ولكانت مِمَّا يُنكر، وَأَسْتَغْفِر الله، فَلَو لم تكن التُّحْفَة إِلَّا تِلْكَ الأكولة العاطرة، والغمامة الماطرة، حَتَّى أحسبت الأمل الْأَقْصَى، وتجاوزت المنن الَّتِي لَا تحصى، للَزِمَ الشُّكْر وَوَجَب، وبرز من حر الْمَدْح مَا تيَسّر واحتجب، والمكارم وَإِن تَغَيَّرت أنسابها، وَادّعى إرثها واكتسابها. إِلَيْكُم تُشِير أيديها، ولفئتكم تميل بهواديها، وبساحتكم يسيل واديها، وعَلى أَرْضكُم تسح غواديها، ومثلى أعزكم الله لَا يفض من قدر تحفكم الحافلة، وَلَا يقْعد من شكرها عَن فَرِيضَة وَلَا نَافِلَة، وَلكنهَا دعابة مُعْتَادَة، وفكاهة أصدرتها وداده، وَلَا أَشك أَنكُمْ بِمَا جبلتم عَلَيْهِ من محبتي قَدِيما وحديثا، وأثاري الَّذِي صيرتموه سمرا وحديثا، تهدرون جفاي فِي جنب وفائي وتغضون، وتتجلون، وَبقول الشَّاعِر تتمثلون
(وأسمع من أَلْفَاظه اللُّغَة الَّتِي ... يلذ بهَا سَمْعِي وَإِن ضمنت شتمي)
وَهِي طَوِيلَة
وَمن ذَلِك مَا صدر عني مِمَّا خاطبت بهَا أَبَا عبد الله الْيَتِيم بِمَا نَصه
يَا سَيِّدي الَّذِي إِذا رفعت راية ثنائه، تلقيتها باليدين، وَإِذا قسمت سِهَام وداده، على ذَوي اعْتِقَاده، كنت صَاحب الْفَرِيضَة وَالدّين، وَأم بقاؤك، لطرفة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute