للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعلمين لسادة الْمُسلمين، وَإِنِّي لأنظرهم كلما خطرت على الْمكَاتب، أُمَرَاء فَوق الْمَرَاتِب، من كل مسطر الدرة، متقطب الأسرة، متنمر للوارد تنمر الْهِرَّة، يَغْدُو إِلَى مكتبه، كالأمير فِي موكبه، حَتَّى إِذا اسْتَقر فِي فرشه، واستوى على عَرْشه، وترنم بِتِلَاوَة قالوته وورشه، أظهر لِلْخلقِ احتقارا، وأزرى بالجبال وقارا، وَرفعت إِلَيْهِ الْخُصُوم، ووقف بَين يَدَيْهِ الظَّالِم والمظلوم، فَتَقول كسْرَى فِي إيوانه أَو الرشيد فِي زَمَانه، أَو الْحجَّاج بَين أعوانه، فَإِذا استولى على الْبَدْر السرَار، وَتبين للشهر الْفِرَار تحرّك لِلْخُرُوجِ تحرّك القرد إِلَى الْفرج، اسْتغْفر الله مِمَّا يشق على سَيِّدي سَمَاعه، وتشمئز من ذكره طباعة، شيم اللِّسَان خلط الْإِسَاءَة بِالْإِحْسَانِ، والغفلة من صِفَات الْإِنْسَان، وَأي عَيْش كَهَذا الْعَيْش، وَكَيف حَال أَمِير هَذَا الْجَيْش، طَاعَة مَعْرُوفَة، ووجوه إِلَيْهِ مصروفة. فَإِن أَشَارَ بالإنصات، لتحقيق الغصات، فَكَأَنَّمَا طمس على الأفواه، ولاءم بَين الشفاه. وَإِن أَمر بالإفصاح، وتلاوة الألواح، علا الضجيج والعجيج، وحف بِهِ كَمَا حف بِالْبَيْتِ الحجيج، وَكم بَين ذَلِك من رشوة تدس، وغمرة لَا تحس، ووعد يستنجز وحاجة تستعجل وتجهز. هَنأ الله سَيِّدي مَا خوله، وأنساه بِطيب آخِره أَوله، وَقد بعثت بدعابتي هَذِه، مَعَ إجلال قدره، والثقة بسعة صَدره، فليتلقها بِيَمِينِهِ، ويفسح لَهَا فِي الْمجْلس بَينه وَبَين خدينه، ويفرغ لمراجعتها وقتا من أوقاته، عملا بِمُقْتَضى دينه، وَفضل يقينه، وَالسَّلَام الْكَرِيم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

وَمن ذَلِك مَا خاطبت بِهِ أحد المنتحلين لصنعة الْحجامَة

يَا أَحْمد أبقاك الله لذكر تعظه. وورم تبطه، وَدم تسيله، وَرَأس سما بِهِ الْكبر تميله، حَتَّى يتَبَيَّن لديك حَال الثروة، ويجتمع بَين يَديك من الشُّعُور، مثل مَا يجْتَمع بَين الصَّفَا والمروة، مَا هَذِه الْغَيْبَة، الَّتِي أسالت من صبيتك

<<  <  ج: ص:  >  >>