للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تحسبهم أيقاظا وهم رقود، فاشرأب عِنْد سَماع إنشادي كَمَا يشرئب للريم، وهزت حميا الْأَدَب مِنْهُ عطف كريم، وَصَاح بِصَوْت جهير، يَنْبَنِي عَن منصب شهير، من هَذَا الطارق، وَمَتى أومض هَذَا البارق، وَإِنِّي لأنس مخيلة غير مخيلة، وَأنْظر إِلَى مَظَنَّة غير ذَات ظنة، ليدن مني جوارك، ويرع إِن شِئْت حوارك، ويتفتح نوارك، وتتألق أنوارك، وَلم يزل يحاجي ويسمل، ويرعى فَلَا يهمل، فَلَمَّا دَنَوْت من مهاده، وركضت فِي رَبًّا الحَدِيث ووهاده، وأصبت من زَاد طَرِيقه، وانخرطت فِي فريقه، وأطهر بني بِأَحَادِيث الغريبة وتشريقه، سفر مِنْهُ الِاخْتِيَار عَن نجار هاشمي، وكرم حاتمي، وَدَار فاسي، ومنصب رياسي، وأصل عراقي، وَفرع بَين، نَفِيس ونفيسه راقي. وَلما انخفض قرن الغزالة، ولان طبع الهوا من بعد الجزالة، وَلم يبْق من عمر الْيَوْم إِلَّا الْقَلِيل، ورقية النسيم تَتَرَدَّد على الْأَصِيل العليل، وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ، ويسلك مَسْلَك أمسه، وَالْمغْرب يبتلع قرصة شمسه، قمنا نقضي الدّين، ونقلد رقيم العذار كل أسيل الْخَدين، كريم الجدين، ونشيد المناطق على جميل كل ماضي الحدين، ونغتنم ثَانِي الأبردين، فَرفعت الرّحال من فَوق الظُّهُور، وسرنا بِنَصّ السّير على الْمَذْهَب الْمَشْهُور، وَتَركنَا البنيات إِلَى جادة الْجُمْهُور - وَقلت أَيهَا الرفيق الْبر الصَّحَابَة الْأَغَر السحابة، إِن الشقة بعيدَة، وَالْمَشَقَّة مبدية معيدة، وَلَا يستعان على المراحل إِذا اشتطت واستطالت، وليالي السرى إِذا قمطت وطالت، إِلَّا بتناوب الْأَخْبَار المنقولة، والآداب المهذبة المعقولة، فَقَالَ أثر الكامن، وأزجر الميامن، وابغ الْفلك الثَّامِن، واطلب غَرِيم الغرائب وَأَنا الضَّامِن: قلت افسح لي مجَال غرضك واشرح لي معنى جوهرك وعرضك، وطية سفرك وعودك بظفرك. فَقَالَ أَنا كَالشَّمْسِ أجوب هَذِه الْمنَازل مرّة فِي كل سنة، وأحصى كل سَيِّئَة وحسنة، وأطوى الغلاة، وأبهرج الْوُلَاة، فهم يرقبون تِلْكَ النّوبَة، ويتوقعون الأوبة، ويستعدون لخُرُوج الدَّابَّة الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>