للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ سُورَة الْفضل والكمال، وَصُورَة الْحَلَال وَالْجمال، وَسيف الجباية وَالْمَال. وَحج العفاة وكعبة الآمال، العف الْإِزَار، ذُو الْمَوَاهِب الغزار. مَا شيت من حَيا ووقار، واهتضام للعرض الْأَدْنَى واحتقار، يهب الجزيل، وَيكرم النزيل، وَيحكم التَّنْزِيل، أقسم لَو سبق الزَّمن زَمَانه، وانتظم فِي سلك العقد المتقادم حمانه، لما كَانَ لكعب من علو كَعْب، وَلَا ساعد ابْن سعدي ذكر، وَلَا أعمل فِي مدح هرم بن سِنَان فكر، ولطوى حَاتِم طي وَلم تَأْخُذهُ يَد النشر إِلَى الْحَشْر، وَلَا أعملت فِي أخباره يَد الإضراب والبشر، فَهُوَ الْعَامِل الْعَالم، والعادل الَّذِي تكف بِهِ الْمَظَالِم، وَالْبَحْر الَّذِي من دونه بلالة والكفاية مَا سواهَا علالة.

(مدحت الورى قبله كَاذِبًا ... وَمَا صدق الْفجْر حَتَّى كذب)

إِن طرقت منزله هش ورحب، وتبسط جالبا للأنس وتسحب، وَحكم كَمَاله، وَألقى قبل الوسادة مَاله، فَهُوَ حَسَنَة الدولة الغرا، وطراز حلتها الشيرا: وحديثها الْمَنْقُول، وصفيحها المصقول، وَللَّه در الَّذِي يَقُول:

(سلني عَن النّدب وَإِلَى الْوُلَاة ... فَإِنِّي على مدحه قَادر)

(مخدرة فِي سَبِيل الحيا وَيَوْم ... الوغى أَسد خادر)

وَلما بلغ إِلَى هَذَا الْحَد، كَأَنَّمَا كَانَ الحَدِيث ثوبا على جَسَد المرحلة مقدودا، وعددا مَعَ لياليها المحسوبة معدودا، أَتَى للسير مِنْهُ الْقَوَاعِد والبروق، وانتهب عمر اللَّيْل إِلَى الشروق، وَكَانَ آخِره بِبَاب المحروق، وَجعل كل وَجهه إِلَى ذره، وَعَاد إِلَى مركزه عقب مَدَاره، وعلق بقلبي كَلَامه، فاستقر فِي احتزانه، وَأَنا أزن الْقَوْم بميزانه، وَالله يتغمد مَا يُوَافقهُ العَبْد من هفوة لِسَانه، ويغطى الْإِسَاءَة بإحسانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>