زِيّ خَائِف، وشيخا طَاف مِنْهُ بِالْأَرْضِ طائف، وَسكن حَتَّى الْيَمَامَة والطائف [حنيب عكاز ومثير ركاز، قل حَظه بسلاحه لِسَان ذلو السفرة] ومثير شيب أثبت الوفرة، وقسى ضلوع توثر بالزفرة، حكم لَهُ بَيَاض الشيبة بالهيبة، وَقد دَار بذراعه للسبحة الرقطاء حَنش، كَمَا اخْتَلَط روم وحبش، وَإِلَى يَمِينه دلو فامق، وَعَن يسَاره تلميذ مراهق، وأمامه حمَار ناهق، وَهُوَ يَقُول:
(هم أسكنونا فِي ظلال بُيُوتهم ... ظلال بيُوت أدفأت وأكنت)
(أَبَوا أَن يملونا وَلَو أَن أمنا ... تلاقي الَّذِي لاقوه منا لملت)
حَتَّى إِذا اطْمَأَن حُلُوله، وأصحب ذلوله، وتودد إِلَى قيم الحنان، زغلوله، واستكبر لما جَاءَ بِمَا يهواه رَسُوله، استجمع قوته، واستحشد، وَرفع عقيرته وَأنْشد:
(أَشْكُو إِلَى الله ذهَاب الشَّبَاب ... كم حسرة أورثتني واكئياب)
(سد عَن اللَّذَّات بَاب الصِّبَا ... فزادت الأشجان من كل بَاب)
(وغربة طَالَتْ فَمَا تَنْتَهِي ... مَوْصُولَة الْيَوْم بِيَوْم الْحساب)
(وَشر نفس كلما هملجت ... فِي الغي لم تقبل خطام المتاب)
(يَا رب شفع فِي شيبي وَلَا ... تحرمني الزلفى وَحسن المآب)
ثمَّ أَن، وَاللَّيْل قد جن، فَلم يبْق [فِي الْقَوْم] إِلَّا من أشْفق وحن، وَقد هزته أريحية، على الدُّنْيَا سَلام وتحية، فَلَقَد نلنا الأوطار، وحلبنا الأشطار، [وركبنا الأخطار، وأبعدنا المطار، واخترقنا الأقطار] فَقَالَ فتاه، وَقد افترت عَن الدّرّ شفتاه مستثيرا لشجونه، ومطلعا نُجُوم همه من دجونه، ومدلا عَلَيْهِ بمجونه، وماذا بلغ الشَّيْخ من أمرهَا، أَو رفع من عمرها، حَتَّى يقْضى مِنْهُ عجب، أَو يجلى مِنْهُ محتجب، فَأَخَذته حمية الْحفاظ لهَذِهِ الْأَلْفَاظ، وَقَالَ أَي بني مثلي من الأقطاب، يُخَاطب بِهَذَا الْخطاب، وأيم الله لقد عقدت الْحلق،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute