والمتون، بالأعناب وَالزَّيْتُون، بلد الخام والرخام، والذمم الضخام، وحمتها بديعة الْوَصْف، محكمَة الرصف، مَقْصُودَة العلاج والقصف، حرهَا شَدِيد، وَذكرهَا طَوِيل مديد، وأثرها على الْبِلَاد جَدِيد، إِلَّا أَن مغارمها ثَقيلَة، وصفحة جوها فِي المحول صقيلة، وسماؤها بخيلة، وبروقها لَا تصدق مِنْهَا مخيلة دبلالة النطية، منزورة الطية، وسعرها لَيْسَ من الأسعار الوطية، ومعشوق الْبر بهَا قَلِيل الْوِصَال، وَحمل الْبَحْر صَعب الفصال، وَهِي متوقعة إِلَّا أَن يقي الله طُلُوع النصال، دعاة النصال.
قلت فطيرنش من شرقها، قَالَ حَاضِرَة الْبِلَاد الشرقية، وثنية البارقة الأفقية، ماشئت من تنجيد بَيت، وعصير وزيت، وإحياء أنس ميت، وحمام طيب، وشعاب شرفيه دَنَانِير أبي الطّيب، إِلَّا أَنَّهَا محيلة الغيوث عَادِية الليوث متحزبة بالأحزاب، شرهة الأعزاب، وَلَو شكر الْغَيْث شعيرها، أخصب الْبِلَاد عيرها.
قلت فبيرة، قَالَ بَلْدَة صَافِيَة الجو، رحيبة الدو، يسرح بهَا الْبَعِير، ويحجم بهَا الشّعير، ويقصدها من مرسية وأحوازها العير، فساكنها بَين تجر، وابتغاء أجر، وواديها نيلى الفيوض والمدود، مصري التخوم وَالْحُدُود، إِن بلغ إِلَى الْحَد الْمَحْدُود، فَلَيْسَ رزقها بالمحصور وَلَا بالمعدود، إِلَّا أَنَّهَا قَليلَة الْمَطَر، مُقِيمَة على الْخطر، مثلومة الْأَعْرَاض والأسوار، مهطعة لداعي الْبَوَار، خَلِيقَة الْحسن المغلوب، معللة بِالْمَاءِ المحلوب، آخذة بأكظام الْقُلُوب، خاملة الدّور، قَليلَة الْوُجُوه والصدور، كَثِيرَة المشاجرة والشرور، برهَا أنذر من برهَا، فِي الْمُعْتَمِر والبور، وزهد أَهلهَا فِي الصَّلَاة شَائِع فِي الْجُمْهُور، وَسُوء ملكة الأسرى بهَا من الذائع بهَا وَالْمَشْهُور:
(مَا قَامَ خيرك يَا زمَان بشره ... أولى لنا مَا قل مِنْك وَمَا كفا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute