مَدِينَة، الشَّك عِنْدِي فِي مَكَّة وَالْمَدينَة.
قلت فطنجة، قَالَ، الْمَدِينَة المعادية، والبقعة الَّتِي لَيست بالخبيثة وَلَا بالردية، إِلَيْهَا بالأندلس كَانَت نِسْبَة المغاربة، وَالْكتاب الْمُحَاربَة، والرفق السابحة فِي الأَرْض الضاربة. سورها لَيْسَ بمثلوم، وساكنها غير ملوم، وفضلها مَعْلُوم، ودارها لَيست بدار لوم. ميدان أَفْرَاس كَبِير، ومعدن ضد وذكير، مثلت بَين الْمنَار والقالة، وحكماها فِي التَّفْضِيل، فأشكل الحكم وتعذرت الْمقَالة، وَلم يَصح البيع وَلَا وَجَبت الْإِقَالَة، [هذي سَمَاء بروج] وهذي أزهار مروج، وَكِلَاهُمَا مركب سرُور وسروج، [ومسمع فروج] ومطعم غَدِير ومروج. وديارها نبيهة. وعَلى الْجُمْلَة فأحوالها بأحوال جارتها شَبيهَة، لَكِن رملها يحشو الْعين بالذرور عِنْد الْمُرُور، وَيدخل الدّور، وَيفْسد الْقُدُور. ورياحها لَا تسكن إِلَّا فِي الندور، وظلمة جوها متسببة عَمَّا وراها من مغرب الشموس والبدور، وَعين فرقان أعذب عيونها مَشْهُور بتواليد الْهَرج، قُرْآن عِنْد النَّاس غير ذِي عوج. وَيذكر أَن سُلَيْمَان اختصها بسخر مَوَدَّة الْجِنّ، فيعثر على أواني ملئت ريحًا تثير تبريحا، ويسندون [لذَلِك إفكا صَحِيحا] .
قلت فقصر كتامة، فَقَالَ، مغرد عندليب، وعنصر بر وحليب، ومرعى سَائِمَة غَائِبَة [ومسرح بَهِيمَة فِي الْجَحِيم هائمة، ومسقط مزنة عائمة] وديمة دائمة. وَبِه التفاح النفاح، ترتاح إِلَى شمه الْأَرْوَاح، يقذف إِلَيْهَا المسا والصباح، ويتفنن فِيهِ الْحَرَام والمباح، والسمك كَمَا جردت الصفاح، إِذا استنجز الكفاح وَطَرِيقه مَسْلَك الْقَافِلَة، وببابه الشئون الحافلة، ينسل إِلَيْهَا من غمارة، قرود وفهود، وَأمة صَالح وَهود. ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مشهود. إِلَّا أَنه قدر قد تهدم، وَدَار الندوة لَام ملدم، ومثير الهائج الموار، وثائر الدَّم،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute