ثمَّ قَالَ: والوزير الصَّالح أفضل عددك، وأوصل مددك [فَهُوَ الَّذِي] يصونك عَن الابتذال، ومباشرة الأنذال، ويثب لَك على الفرصة، وينوب فِي تجرع الغصة، واستجلاء الْقِصَّة، ويستحضر مَا نَسِيته من أمورك، ويغلب فِيهِ الرَّأْي بموافقة مأمورك، وَلَا يَسعهُ مَا تمكنك الْمُسَامحَة فِيهِ، حَتَّى يَسْتَوْفِيه. وَاحْذَرْ مصادمة تياره، والتجوز فِي اخْتِيَاره، وَقدم استخارة الله فِي إيثاره، وارسل عُيُون الملاحظة فِي آثاره، وَليكن مَعْرُوف الْإِخْلَاص لدولتك، مَعْقُود الرضاء وَالْغَضَب برضاك وصولتك، زاهدا عَمَّا فِي يَديك، مؤثرا كل مَا يزلف لديك، بعيد الهمة، رَاعيا للأذمة، كَامِل الْآلَة محيطا بالإيالة، رحب الصَّدْر، رفيع الْقدر، مَعْرُوف الْبَيْت، نبيه الْحَيّ وَالْمَيِّت، مؤثرا للعدل والإصلاح، دربا بِحمْل السِّلَاح، ذَا خبْرَة بدخل المملكة وخرجها، وظهرها وسرجها، صَحِيح العقد، متحرزا من النَّقْد، جادا عِنْد لهوك، متيقظا فِي حَال سهوك، يلين عِنْد غضبك، ويصل الإسهاب بمقتضبك، قلقا من شكره دُونك وحمده، ناسبا لَك الْأَصَالَة بعمده. وَإِن أعيا عَلَيْك وجود أَكثر هَذِه الْخلال، وَسبق إِلَى نقيضها شَيْء من الاختلال، فاطلب مِنْهُ سُكُون النَّفس وهدوئها، وَأَن لَا يرى مِنْك رُتْبَة إِلَّا رأى قدره دونهَا. وتقوى الله تفضل شرف الانتساب، وَهِي للفضائل فذلكة الْحساب، وساو فِي حفظ غيبه بَين قربه ونأيه، وَاجعَل حَظه من نِعْمَتك موازيا لحظك من حسن رَأْيه، واجتنب مِنْهُم من يرى فِي نَفسه إِلَى الْملك سَبِيلا، أَو يَقُود من عيصه للاستظهار عَلَيْك قبيلا، أَو من كاثر مَالك مَاله، أَو من تقدم لعدوك اسْتِعْمَاله، أَو من سمت لسواك آماله، أَو من يعظم عَلَيْهِ إِعْرَاض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute