للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكوؤس، وأدب عذب مذاقه، واعترف بِهِ فرسَان الْكَلَام وحذاقه، وَمَعَان جَاءَت من السهولة بِمَا تَقْتَضِيه أخلاقه، وعفاف ضفت أذياله، وظرف صفت جرياله،

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن جزى

فرع مجد سبق، وثاقب طلع فَجلى الغسق، وأديب فرع من الْأَدَب كل شَاهِق، وَحدث عَمَّا بَين عَاد وبنيه، وصدغاه فِي خدى غُلَام مراهق، فبذ أقرانه وأترابه، وأجال فِي ميدان الْفُنُون عرابه، فَأصْبح نادرة أَوَانه، وواسطة عقد أخوانه، فَهُوَ النبيه، الَّذِي قل لَهُ الشبيه، والوجيه الَّذِي قصر عَن لحاقه الْوَجِيه، إِذا ذكرت الغرائب قَالَ أَنا لَهَا، وَلَو تعلّقت الغوامض بِالثُّرَيَّا لنالها، إِلَى خلق أعذب من الضَّرْب وأشهى من بُلُوغ الأرب، ونبل لَا تطيش نباله عَن غَرَض، وذكا يكْشف كل مُشكل مهما عرض، وَله أدب تود الْعُقُول محَاسِن شذوره، وتقصر الصُّدُور عَن أعجازه وصدوره، وتتضاءل أهلة الْمعَانِي عِنْد طُلُوع بدوره.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي العلى بن سماك

كَاتب ماشق، وأديب لربح الْبَيَان ناشق، ذُو طبع سَائل، وكلف بالمسائل، فَلَا يفتر عَن تَقْيِيد وَنقل، وجلا للفوايد وصقل كتب مَعَ الحلبة فأحكم الْخط وأتقنه، وتلقى السجع وتلقنه، وَأنْشد الشّعْر فَأجرى بِغَيْر الخلا، وَجعل دلوه فِي الدلا، وَله بَيت معمور فِي الْقَدِيم بصدور قُضَاة، وسيوف للدّين منتضاة، وَلم يزل منتظما فِي السلك، ومرتسما فِي كِتَابَة الْملك إِلَى أَن عضه الدَّهْر بناب خطوبه، وقابله بعد البشاشة بقطوبه، فتأخرت فِي هَذِه الْأَيَّام جرايته، وَنَكَصت على الْعقب رايته، وَقد ثَبت من شعره مَا يشْهد بإجادته، وينظمه فِي فرسَان الْكَلَام وقادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>