ومدح وانتفع، وشفع شعره للملوك فشفع، وَلم يزل يتَصَرَّف فِي الْأَعْمَال، ويقابل بِالْإِحْسَانِ والإجمال، وَقد أثبت من شعره كل مُحكم العقد، شَدِيد الْوَطْأَة على النَّقْد.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم بن مقَاتل المالقي
من حسباء الطَّرِيقَة وصدورها، والمحاسن لترايبها العاطلة ونحورها. كَانَ رَحمَه الله هضبة وقار وسكينة، وَذَا مكانة فِي الْفضل مكينة. إِلَى صدر سلم ومجد صميم، وَخلق عَظِيم السهولة، وسمت خليق بسن الكهولة، ولسان مغرى بِالذكر، متقلب بَين الْحَمد وَالشُّكْر، وَإِلَى ذَلِك فَكَانَت لَهُ دعابة صائبة السهْم، ونادرة يتنافس فِيهَا أولو الْفَهم، ومجالسة طيبَة، وفكاهة غمامتها صيبة. وَاسْتعْمل فِي الولايات النفيسة، فحمدت سيرته، وَحسن أَثَره، وكرم خَبره وَخَبره، وأنجب عقبا جَارِيا على سنَنه، ومتخلفا من السرُور بأحسنه، وَكَانَ لَهُ أدب غض الجني، طيب اللَّفْظ وَالْمعْنَى، ومقطوعات حَسَنَة المقاطع، سافرة عَن الْحسن الساطع.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي زيد عبد الرَّحْمَن الينشتي
من شُيُوخ طَريقَة الْعَمَل، المتغلبين من أحوالها بَين الصحو والثمل، المتعلقين برسومها حِين اخْتَلَط المرعى بالهمل. وَهُوَ ناضم أرجاز، ومستعمل حَقِيقَة ومجاز نظم بهَا مُخْتَصر السِّيرَة فِي الْأَلْفَاظ الْيَسِيرَة، ونظم جُزْءا فِي الرجز والفال، فبذ بِهِ تِلْكَ الطَّرِيقَة بعد الإغفال.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر الْمَعْرُوف بالبغيل من أهل المرية
بَقِيَّة صَالِحَة، وغرة فِي الزَّمن البهيم وَاضِحَة، أرخ وَقيد وَأحكم بِنَا الْعبارَة وشيد، ورقم الرسائل الْبَدَائِع، وحقق بِبَلَدِهِ الْأَخْبَار وَكتب الوقائع. فمجالسته عَظِيمَة الإمتاع، ومحاضرته مقرطة الْأَذَان والأسماع. وَله شعر جزل، لَا ينتكب لمعانيه غزل، وَأَلْفَاظه صقيلة، وَمَعَان تتبرج تبرج العقيلة، وأغراض لَا تطيش
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute