لاعتلال العشية فِي فرش الرّبيع الموشية، ثمَّ تعداها إِلَى وصف الصبوح، وأجهز على الزق الْمَجْرُوح، وَأَشَارَ إِلَى نغمات الْوَرق يرفلن فِي الْحلَل الزرق، وَقد اشتعلت فِي عنبر اللَّيْل نَار الْبَرْق، وطلعت بنود الصَّباح فِي شرفات الشرق سلب الْحَلِيم وقاره، وَذكر الخليع كأسه وعقاره، وحرك الأشواق بعد سكونها وأخرجها من وَكَونهَا، بِلِسَان يتزاحم على مورده الخيال، ويتدفق من حَافَّاته الْأَدَب السيال، وَبَيَان يُقيم أود الْمعَانِي، ويشيد مصانع اللَّفْظ محكمَة المباني، ويكسو حلل الْإِحْسَان جسوم المثالث والمثاني، إِلَى نادرة لمثلهَا يشار، ومحاضرة يجتني بهَا الشهد ويشار. وَقد اثْبتْ من شعره، وَإِن كَانَ لَا يتعاطاه إِلَّا قَلِيلا، وَلَا يُجَاوِزهُ إِلَّا تعليلا، أبياتا لَا تَخْلُو من مسحة جمال على صفحاتها، وَهبة طيب تنم فِي نفحاتها.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْقَاسِم الشريف الْحسنى
ماشيت من قدرَة وأيد، لَيْسَ من عَمْرو وَلَا زيد، أكْرم من عمر البلاغة مجالا [وَلعب بأطراف الْكَلَام المشقق روية وارتجالا] ، وأطوع من دَعَا أَبْيَات الْمعَانِي فَجَاءَت عجالا [وأبدع من أدَار أكواس الْبَيَان الْمُعْتق] ، وَأجل من أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّاعِر بقوله " وَخير الشّعْر أكْرمه رجَالًا " قدم على الحضرة هَذَا القَاضِي الشريف، وَقذف بدرته النفسية لَهَا الرِّيف، رَوْضَة أدب وظرف لما شيت من حسن وَعرف، يُدِير المحاضرة جريالا، ويسحب البديع الروايع أذيالا، ذَا نفس كَرِيمَة، وأخلاق كالروض غب انسكاب ديمه، وَقعد بمسجدها فدرس وَحلق، وسطع نوره فِي أفقها وتألق، واستأثرت بِهِ الْكِتَابَة السُّلْطَانِيَّة لأوّل وُرُوده، وسحبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute