للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فإنه يمكن القول: إن هذه القاعدة لا تحقق تحققا صحيحا إلا إذا كان الحكم القائم على الحاجة مستثنى من حكم عام أو في معنى المستثنى منه وهذا الاستثناء إما أن يكون بنص شرعي دل على أن مبنى الترخيص فيه هو الحاجة، وإما أن يكون مبنيا على اجتهاد المجتهدين أخذا من قواعد الشرع العامة، أو قياسا على ما ثبت حكمه بالنص؛ وذلك لأن تنزيل الحاجة منزلة الضرورة معناه إباحة ما ظاهره التحريم، ومن أجل هذا ذهب كثير من الفقهاء إلى أن هذا إنما يكون فيما خالف القياس١.


١ تحسن الإشارة هنا إلى أن من العلماء من يرى أن جميع الأحكام الشرعية هي على وفق القياس، وليس فيها ما هون مخالف له، أو معدول به عن سننه، ويرى أنه يجب تنزيه الشرع من مثل هذه التسميات، ومن أبرز هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، ولعله من المفيد بيان وجهة أصحاب المذهبين – بإيجاز – لعلاقة ذلك بهذه القاعدة. فإن من يرى أن مثل هذه الأحكام مخالفة للقياس يرى أنها بعرضها على قواعد الشرع العامة توجد صورة مشابهة لها وهي محرّمة، ولذا كانت إباحتها – عندهم – مخالفة للقياس مع كونها مبنية على أدلة شرعية.
ومن يرى أنها على وفق القياس يحكم بذلك من حيث مناسبة الحكم المستثنى – في الظاهر – من القاعدة العامة للسبب المبيح الذي هو الدليل الشرعي المبني على حاجة الناس، وبعبارة أخرى يرى أن ذلك المباح غير ذلك المحرم وإن توهم أنهما من جنس واحد، والله أعلم. انظر: مجموع الفتاوى ٢٠/٥٠٤ وما بعدها، وأعلام الموقعين ٢/٣ وما بعدها، والأشباه والنظلئر للسيوطي ص٨٨، ومختصر قواعد الزركشي للشعراني (رسالة) ١/٢٦٠، والفوائد الجنية حاشية المواهب السنية ١/٢٨٤، وكتاب المعدول عن القياس للدكتور عمر عبد العزيز ص١٨-٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>