للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمور الجبلية لدى الإنسان الرغبة في الولد لأن في الولد إشباعًا لغرائز كامنة في النفس الإنسانية، إنها غريزة حب البقاء من ناحية، والتطلع إلى الكمال والفرار من النقص من ناحية أخرى، وسد الحاجة وتلافي النقص والدفاع عنه والافتخار به، كل هذا وراء الرغبة في الولد.

إلا أن مثل هذه الدوافع والرغبات والاحتياج يتنزه عنها الخالق سبحانه وتعالى لذا جاءت في آيات كثيرة اتصاف الله سبحانه وتعالى بغير ذلك.

يقول تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: ١١١] .

{مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .

إن زعم الولد والصاحبة لله سبحانه وتعالى ونسبة ما لا يليق بكمال الله وجلاله إليه تقدست أسماؤه، تغيير لمعالم الحق الذي قامت عليه السماوات والأرض وإحلال للباطل والزيف مكان الحكمة والعدل، إن نسبه هذه الأمور إليه تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا نسبة الحاجة والنقص والافتقار والعجز إلى الكمال المطلق وهو هدم لنظام الكون الذي يقوم على الحق والعدل والميزان.

{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٨٨-٩٥] .

٣- تنزيه الله سبحانه وتعالى عن العجز في التصرف في مخلوقاته وعن الجهل بأحوالهم والغفلة عن تدبير شئونهم ومصالحهم:

إن من صفات الكمال التي يجب اعتقادها في الخاق سبحانه وتعالى وتنزيهه عن ضدها: القدرة والعلم المحيط والقيومية على شئون العباد. حيث لا يليق

<<  <   >  >>