للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشئون الإله وصفاته أن يعجز عن التصرف في مخلوقاته حسب إرادته وحكمته أو يمتنع عليه مخلوق من مخلوقاته، بل كل من في السماوات والأرض ملكه، خاضع لإرادته يقول للشيء كن فيكون.

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: ٤٤] .

ومن صفات الكمال لله تعالى علمه المحيط بكل مخلوقاته، فإن الجهل نقص، والجهل بأحوال المخلوقات صغيرها وكبيرها قصور وإهمال. وكل ذلك محال على الله سبحانه وتعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: ١-٣] ١.

٤- ومن صفات الكمال للخالق جل جلاله "القيوم":

القائم بتدبير ما خلق، الحافظ لكل شيء والمعطي له ما به قوامه، فالله سبحانه وتعالى منزه عن اللهو والعبث والغفلة يقول تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ، لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: ١٦، ١٧] .

وقد اشتملت آية الكرسي على جملة من صفات الكمال لله سبحانه وتعالى، كما اشتملت على تنزيه الخالق سبحانه عن بعض الصفات التي تكون من شأن المخلوقين ثم بعد البيان الشافي في بيان ما ينبغي للمعبود الحق وما يتنزه عنه جاء قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: ٢٥٦] .


١ يقال: عَزب يعزُب ويعزِب إذا غاب، قاله القرطبي، وفي مفردات الراغب: العازب المتباعد في طلب الكلأ عن أهله.

<<  <   >  >>