للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [النمل: ٦١] .

وفي هذه الآية تقرير لدليل العناية، فهو الذي جعل الأرض بهذه الكيفية وثبتها بالجبال وأجرى فيها الأنهار وجعل بين البحرين حاجزًا. ولولا هذه العناية الربانية وهذا التقرير المحكم لما هيئت الأرض للحياة والاستقرار.

وجاءت الفاصلة القرآنية ملائمة أيضًا لدليل العناية، فإن إدراك سنن الله الكونية في المخلوقات ومنها الأرض وإدراك أنظمة جريان الأنهار ومعرفة دور الجبال في إرساء الأرض وحفظ توازنها، والبحث عن سر الحاجز بين البحرين لا يدركه إلا العلماء أهل الاختصاص فجاءت الفاصلة "بل أكثرهم لا يعلمون".

٣- {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٠] .

وهذا دليل الفطرة، فلا ملجأ ولا ملاذ للمخلوقات عند وقوع الضر بهم إلا التوجه إلى الواحد الأحد الفرد الصمد والفاصلة ملائمة ومؤكدة للدليل، فإن الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى عند الشدة أمر فطري راسخ في النفس البشرية، إلا أن الناس يغفلون عن ذلك في حالة السراء، فلا يحتاج الأمر إلا إلى تذكرهم، وإن لم تهيأ الظروف المذكرة لهم بذلك فإن الشدة تفرض عليهم الذكرى وتزيل الغشاوة عن الفطرة وصفائها فختمت الآية بـ {تَذَكَّرُونَ} .

٤- {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٦٣] .

وفي الآية إشارة إلى صفات الكمال التي اتصف بها المولى جل جلاله وتقدست أسماؤه، وعلى رأس هذه الصفات صفة الرحمة والهداية إلى المصالح المادية والمعنوية.

وجاءت الفاصلة مؤكدة لمضمون الدليل، فهو المتفرد بصفات الكمال والمنزه عن صفات النقص: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

<<  <   >  >>