للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- المرونة في الدعوة والتدرج مع المدعوين في حملهم على الالتزام بمبادئ الدعوة، وترغيبهم فيها وتحبيبها إلى نفوسهم بشتى الأساليب كل ذلك شيء مرغوب فيه -وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بالشواهد على ذلك- أما إذا تعلق الأمر بالمساومة على مبادئ الدعوة وتعديل منهجها وتغيير حقائقها، فينبغي على الداعية أن يقف وقفة صارمة صريحة، وإفهام المدعوين أن الله غني عن العالمين وأن دخولهم في دعوة الحق تكريم لهم وتشريف لمقامهم، وليس تشريفًا للدعوة فإن شرفها تستمده من المصدر الذي أنزلها، {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧] .

وهذا ما اشتملت عليه الآيات الكريمة {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} .

ومثل هذا الأسلوب يفعل فعله في نفوس المترددين والمساومين الراغبين في المداهنة ويترك أثرًا في أذهانهم لإعادة النظر في مواقفهم من الدعوة.

٤- جاء عرض مصير الفريقين على طريقة اللف والنشر غير المرتب، وذلك لحكمتين:

أ- للمناسبة بين ذكر الفتية أصحاب الكهف، والفتية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم.

ب- لتعقيب ذكر الغافلين المتكبرين بذكر سوء مصيرهم، فما يفصلهم عنه سوى حاجز الموت ليروا النار المعدة لهم {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} .

٥- الجزاء من جنس العمل، أبدل كل فريق بمجالس تعكس صورة أعمالهم في الحياة الدنيا.

أ- لقد كان الغافلون المتبطرون يعيشون حياة الرفاه والترف في الدنيا، فكانوا يجلسون في أماكن خاصة تحيط بها السرادقات تحجبهم عن أعين الناس، فلا يستطيع أحد اقتحامها عليهم، لئلا تفسد أمزجتهم ويكدر عليهم صفو استمتاعهم، وكانت هذه المجالس تعد خصيصًا لهذه المناسبات، وقد أبدلوا

<<  <   >  >>