للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها اليوم نارًا أحاط بهم سرادقها، فلا يستطيعون النجاة من النار، ولا اقتحام السرادقات، فهم في عذاب مقيم، وهذه المجالس جاهزة لهم معدة تنتظر ورودهم إليها.

ب- كانوا في مجالسهم الدنيوية ينادون على الخدم والغلمان للاستزادة من الشراب ويشربون الكئوس المترعة للمزيد من النشوة والفتوة والنشاط وأبدوا بها يوم القيامة زبانية جهنم، كلما اشتد عليهم الحريق والعذاب بالنار استغاثوا بالماء ليطفئ اللهيب في أجوافهم {يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} إذا رفعوا الإناء إلى أفواههم جاءهم لفح الماء ولهبه فتساقطت أبشار الوجوه في الإناء، هذا فعلها في الوجوه فكيف تفعل بالجوف والأمعاء.

جـ- كانوا يظنون أن السعادة كل السعادة في هذا اللون من المجالس والخدم والشراب، وأن من أوتي في الدنيا مثل هذا فقد نعم في حياته ولا يريد عنها بديلًا.

فأدركوا في الآخرة حقيقة ما كانوا عليه، ووجدوا الشفاء الذي صاروا إليه، فأدركوا أن متعًا زائفة هذا مصيرها ساءت لذة وفي الآخرة {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} .

أما أهل التقوى والصدق، الذين حبسوا أنفسهم على طاعة الله وتدبر آياته، وكانت لهم مجالسهم وهيئاتهم ومرافقهم قد أبدلهم الله عز وجل بها مجالس ومرافق خيرًا منها:

أ- أما مجالسهم في الدنيا فقد كانت الحصباء في الأودية والشعاب أو في قعر البيوت المظلمة وفي السراديب والأقبية مخافة اطلاع الجبابرة عليهم -وأغلبهم من الأرقاء والمستضعفين والموالي- فيسيمونهم سوء العذاب.

أبدلهم الله سبحانه وتعالى بها الحدائق الغناء والبساتين الملتفة الأشجار تجري من تحت أقدامهم الأنهار.

ب- كانت ملابسهم في حياتهم الدنيا جبب الصوف تفوح منها رائحة العرق

<<  <   >  >>