هذان وجهان للمناسبة بين هذا المقطع وبين هذه السورة والعنوان الذي تناولها تفسير السورة من خلاله.
فما أوجه المناسبة بين هذا المقطع وسابقه؟
هناك عدة أوجه للمناسبة بين هذا المقطع وسابقه، ومن الأوجه التي ذكرها المفسرون ما هو وثيق الصلة بالمقطع ومنها ما هو غير واضح الارتباط، وأذكر بعض الوجوه واضحة الارتباط والصلة بالمقطع السابق.
١- ذكر في المقطع السابق قوله تعالى:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} .
وذكر في هذا المقطع لون من ألوان تصريف القول بأسلوب القصة والحوار وفيه من عظيم الحكم، والآداب والعظات والعبر الشيء الذي لا يحاط به، وسنورد جملة من ذلك عند العرض الإجمالي وفي مبحث العظام والعبر لهذا المقطع الرابع.
٢- ذكر في المقطع السابق قوله تعالى:{وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} وهو في سياق المؤاخذة على الإنسان الذي لا يستسلم لبراهين الحق وأدلة العقل، وظهور الحجة، ولولا هذه الطبيعة في الإنسان لتجاوب مع نداءات الفطرة التي فطر عليها، وللبى نداء العقل فلم يتخذ أولياء من دون الله سبحانه وتعالى، ولعادي إبليس وذريته، لأن العقل يفرض عليه ذلك، ولكنه أوتي الجدل فلا يستسلم لكل ذلك إلا بعد المجاهدة ومساندة دواعي الاستسلام.
وفي سياق قصة موسى والخضر عليهما السلام لون رفيع من ألوان التربية القرآنية وإلزام النفس الإنسانية حدودًا معينة في ترك الجدل ولو كان أمام واقعة ظاهرها الانحراف.
ولا شك أن هذا النوع من ترك الجدل أشد على النفس، لأن المأمور بالكف عن الجدل يرى الحق معه فكيف يصبر عن إظهاره ويسكت على خلافه ولعل هذا اللون التربوي الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: