للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، لمن ترك المراء، وإن كان محقًا ... " ١ الحديث.

٣- ذكر في المقطع السابق بعض وسائل المعرفة في قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} .

إن وسيلة الإدراك الأصلية في الإنسان هو القلب الذي انفرد به الإنسان من بين سائر المخلوقات ونقصد بالقلب تلك الملكة المعنوية التي يستطيع الإنسان بواسطتها التمييز بين الحق والباطل والخطأ والصواب وهي وسيلة التحليل والتركيب والاستنباط والإقناع، وهي التي جاء التعبير عنها باللب والعقل والفؤاد والقلب وهي التي تأتيها الغشاوة والران أو الإبصار والإشراق وهي المرادة بقوله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦] .

ولهذه الملكة صلة وثيقة بالقلب المادي المكون من اللحم، وبالمخ في الرأس المكون من النخاع والأعصاب.

وهذا القلب يستمد معلوماته الأولية عن طريق الحواس الخمس وعلى رأسها السمع والبصر.

فبعد ذكر وسائل المعرفة في المقطع السابق، ذكر هنا أن هنالك علمًا لا يخضع لوسائل المعرفة المعهودة عند الناس، وإنما هو علم من لدن الله سبحانه وتعالى يقذفه في قلوب بعض عباده وأصفيائه، وإما إلهامًا أو وحيًا، لذا جاء تعظيم شأن هذا العلم بإسناده إلى ضمير العظمة مع التأكيد عليه بالمؤكدات العديدة {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} .

٤- ذكر في المقطع السابق أن مشركي قريش اتبعوا سنة من قبلهم من المكذبين الهالكين في طلب العقوبة الدنيوية العاجلة وذلك في قوله تعالى:


١ رواه أبو داود، انظر مختصر سنن أبي داود باب الأدب ٧/ ١٧٢، والترمذي بلفظ قريب. انظر: سنن الترمذي أبواب البر ٣/ ٢٤٢.

<<  <   >  >>