وذكر أيضًا سنة الله سبحانه وتعالى في الأخذ في العاجلة أو الإرجاء إلى الآجلة وأن الخيرة في اختيار الله ومشيئته وإرادته وأمره، لو كان الإنسان مدركًا للحكمة العالية في تصريف شئون الكون، جاء ذلك في قوله تعالى:{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} .
وذكر في هذا المقطع ثلاث وقائع كان ظاهرها أن العاجلة خلاف المصلحة، ولكن عندما كشف النقاب عن السر الإلهي في ذلك، وبرزت الحكمة الدافعة، اختلف التقدير والتقويم للتصرفات، فقد كانت النظرة الظاهرة تقضي بإبقاء السفينة على حالها وهو أفضل لمصلحة المساكين وترك الغلام على قيد الحياة أدخل للسرور على قلب والديه من قتله وترك الجدار الآيل للسقوط أليق بتصرف أهل القرية البخلاء اللئام عقوبة لهم. ولكن حكمة الله سبحانه وتعالى وإرادته وأمره كان خلاف هذه الظواهر العاجلة، فكانت الآجلة أفضل للمساكين، وأقوم للأبوين الصالحين، وأحفظ لليتيمين في القرية.
هذه الأوجه التي أراها أحكم من غيرها في الربط بين المقطعين، أما ما ذكره بعض المفسرين من ورود ذكر إبليس في المقطع السابق وذكر الشيطان في المقطع اللاحق. وذكر تمرد إبليس وتكبره عن سماع أمر ربه بالسجود لآدم فكانت عاقبته الطرد واللعنة، وعكس ذلك في قصة موسى عليه السلام حيث سمع أمر الله وأطاع وتواضع لله تعالى فذهب لتلقي العلم ممن هو دون شهرته ومكانته في قومه.
هذه الوجوه وغيرها أراها عابرة لا تخلو من التكلف. وفيما ذكرته الغنية والكفاية بإذن الله.